responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 61

يفرض على الله ـ تعالى الله وتقدس ـ أن يخلق شيئا أو أن لا يخلق.

ولذلك من الأخطاء التي وقعت فيها بعض الطوائف زعمهم بأن من مقتضيات كون الله خالقا أن يخلق في الأزل، وهو قول مناف لمشيئة الله المطلقة، فمشيئة الله لا يقال لها: افعلي أو لا تفعلي.

وقد غاب عن هؤلاء أن ( السيف يسمى قاطعا وهو في الغمد، ويسمى قاطعا حالة حز الرقبة، فهو في الغمد قاطع بالقوة وعند الحز قاطع بالفعل، والماء في الكوز مرو، ولكن بالقوة وفي المعدة مرو بالفعل، ومعنى كون الماء في الكوز مرويا أنه بالصفة التي بها يحصل الإرواء عند مصادفة المعدة، وهي صفة المائية، والسيف في الغمد قاطع أي هو بالصفة التي بها يحصل القطع إذا لاقى المحل، وهي الحدة إذ لا يحتاج إلى أن يستجد وصفا آخر في نفسه)[1]

وكذلك، ولله المثل الأعلى، صفة الخالق لله تعالى، فهو خالق في الأزل بالمعنى الذي به يقال الماء الذي في الكوز عذب، وفي السيف أنه قاطع.

ومن الخطأ الكبير أن يقال له ـ تعالى وتقدس ـ:( ما دمت خالقا، فلا بد أن تخلق)

وهذا الحجر للمشيئة أصاب مثله كثيرا من صفات الله تعالى، فصفات الله تعالى أزلية لم تحدث بعد أن لم تكن وإنما مقتضياتها قد تحدث، فيتصرف الله معها وفق مشيئته.

أما المستوى الثاني، وهو مستوى الإيجاد بعد التقدير، وهو ما يدل عليه اسم ( البارئ)، فقد ورد في النصوص ما يدل على مشيئة الله المطلقة في ذلك، ومنه قوله تعالى:﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً ﴾ (الفرقان:45)

ومن هذا الباب ما من الله تعالى على عباده من جعل الكون على الصفة التي تصلح لعباده مع أن مشيئته وقدرته مطلقة يمكنها أن تفعل غير ذلك:


[1] المقصد الأسنى: 36.

اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 61
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست