اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 533
الْوَسِيلَةَ
أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ
رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً﴾ (الاسراء:57)، فقد جمع تعالى في هذه الآية
الكريمة بين بواعث العارفين المقربين، وهو التقرب إليه بحبه وفعل ما يحبه. وبين
بواعث الأبرار والمقتصدين، وهي رجاء الرحمة وخوف العذاب.
* * *
بعد هذا التمهيد
الذي لا بد منه للتعرف على طبيعة الأبرار السابق منهم بالخيرات والمقتصد، نتساءل
عن الرحمة المعدة لهم، والتي تتطلبها طبائعهم.
والجواب عن هذا: أن
الكريم الجواد إن صحب لغرض لم يبخل على مصاحبه بما طلبه من غرض، والأكرم الأجود هو
من أنال مصاحبه فضلا زائدا على طلبه، وأكرم الأكرمين وأجود الأجواد من يكون عطاؤه
ممتدا لا يفنى، عظيما لا يحد، ولا يتحقق ذلك في غير صحبة الله.
ولذلك فإن الله
تعالى ـ برحمته وكرمه ـ أعد لكل عمل من أعمال البر ما يتناسب معه من جزاء، أو ما
يتناسب مع صاحبه من طبيعة ورغبة.
ولهذا وردت النصوص
الكثيرة ترغب في الجنة وما فيها من الجزاء، قال a:( من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله
غالية، ألا إن سلعة الله الجنة)[1]
ويروى أن أعرابيا جاء إلى رسول الله a فقال: يا رسول دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة فقال: تعبد
الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان قال: والذي
نفسي بيده لا أزيد على هذا شيئا أبدا ولا أنقص منه، فلما ولى قال: من سره أن ينظر
إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا[2].