responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 41

وتصوروا أن ما حصل لهم كان هزيمة شديدة، ولكن الله تعالى الخبير بعواقب الأمور يبشرهم معتبرا ما حصل فتحا من الله، قال تعالى:﴿ لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً ﴾ (الفتح:27)

فقد بين تعالى حكمة ما كرهوه عام الحديبية من صد المشركين لهم حتى رجعوا ولم يعتمروا، وبين لهم أن مطلوبهم يحصل بعد هذا، فحصل في العام التالي، وكان ذلك الفتح هو صلح الحديبية فبسببه حصل من مصالح الدين والدنيا ما لم يكن يخطر على بال الصحابة[1] ولهذا سماه فتحا، وسئل النبي a:( أفتح هو) قال:( نعم)[2]

ومثل هذا قول يوسف u:﴿ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ (يوسف: 100)، فأخبر أن الله تعالى بلطفه نقله من تلك الأحوال جميعا إلى ذلك الحال المرتضى بطرق خفية لا يعلمها الناس.

ولهذا كان لاسم اللطيف دلالة أخرى غير دلالته على العلم، وهي دلالته على نوع من أنواع القدرة.. فتقديرات الله تقديرات لطف.. لا تقديرات عنف، وهو لهذا يرتب الأمور بعضها على بعض إلى أن تصل إلى النتيجة المطلوبة، وهو معنى قوله يوسف ـ عليه السلام ـ: ﴿ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ ﴾

ولنفهم هذا المعنى الذي قاله يوسف u نرجع إلى قصة يوسف في القرآن … فالله


[1] فبسببه تمكن المسلمون من الاجتماع بالكفار ليدعوهم إلى الإسلام ويبينوا لهم محاسنه، فدخل كثير من قبائل العرب بسبب ذلك في الإسلام.. ومما يوضح ذلك أن الذين شهدوا صلح الحديبية مع النبي r في ذي القعدة عام ست كانوا ألفاً وأربعمائة، ولما أراد النبي r فتح مكة حين نقض الكفار العهد، كان خروجه إلى مكة في رمضان عام ثمان، وكان معه عشرة آلاف مقاتل، وذلك يوضح أن الصلح المذكور من أعظم الفتوح لكونه سبباً لقوة المسلمين وكثرة عددهم.

[2] رواه أحمد وأبو داود.

اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 41
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست