responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 396

أما دلالة العقل على هذا، فواضحة لا ريب فيها، ولكن العقل الملحد أو الغافل يعتبرها وسائط، أما العقل المؤمن، فيرى أن قدرة الله أعظم من أن تحتاج إلى الوسائط.

وكمثال على ذلك أن رسول الله a أخبر بجدوى الدواء، وسببيته، فقال a: (تداووا عباد الله فإن الله لا يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم) [1]، وقال a: (إن الله تعالى لم ينزل داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه، وجهله من جهله إلا السام وهو الموت) [2]

فهذه الأحاديث صريحة في سببية الدعاء، وإن أولها النافون للأسباب، ومن خلالها يستعمل المؤمن الدواء سواء قال بنفي الأسباب أو إثباتها.

ولكن الفرق بين الطبائعيين القائلين بالسببية المجردة عن السند الإلهي هو أنهم يجعلونها مستندهم الوحيد، فإن غاب عنهم، أو سقط بهم سقطوا معه، بينما استناد المؤمن النافي أو المثبت على الله، فلذلك إن عجز الدواء، أو سقط به لم يسقط معه، لأنه لم يكن مستندا للدواء، وإنما استناده لله.

وبهذا لا يصح تشبيه القائلين بالأسباب بالطبائعيين الذين يرجعون الأشياء إلى علل طبيعية، لأن هؤلاء لا يقولون بأن ما في الأشياء من خصائص يرجع إلى ذواتها وإنما ينسبونها إلى الله تقديرا وخلقا، وتوفيقا ومنعا.

فلذلك لا يقولون بحتمية الأسباب، بل يربطونها بمشيئة الله، معتقدين إمكانية تخلفها، قال ابن القيم:( ويا لله العجب إذا كان الله خالق السبب والمسبب وهو الذي جعل هذا سببا لهذا والأسباب والمسببات طوع مشيئته وقدرته منقادة لحكمه إن شاء أن يبطل سببيه الشيء أبطلها كما أبطل إحراق النار على خليله إبراهيم وإغراق الماء على


[1] رواه احمد وابن حبان والحاكم.

[2] رواه الحاكم.

اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 396
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست