اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 335
فما أمهل به هؤلاء
الغافلون ليس دليلا على أي تفضيل لهم، يقول a:( لو كانت الدنيا تزن عند اللّه جناح بعوضة ما سقى منها كافراً شربة
ماء أبدا)[1]
فهذا الإمهال ـ إذن
ـ كما ينطوي على معاني الرحمة والعدل، وينطوي على معاني الانتقام ممن لم يعرف
للنعمة حقها ولا للإمهال حقه، ينطوي كذلك على سر الامتحان الذي يقتضي ستر الجزاء
حتى لا يكون الناس أمة واحدة في الخير أو في الشر.
في الآخرة:
أما في الآخرة، فإن
الله تعالى يربط بين الجزاء المعد للكفار والعصاة، وبين أعمالهم، كما يربط بين
الجزاء المعد للمؤمنين، وبين أنواع أعمالهم، فكلا من السعادة والشقاوة في الآخرة
منوط بالأعمال:
أما ارتباط الجزاء
المعد للمؤمنين بالعمل، فتنص عليه الآيات الكثيرة في معرض التهنئة للمؤمنين على
أعمالهم، قال تعالى:﴿ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ﴾ (الطور:19) وقال تعالى:﴿ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي
الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ﴾ (الحاقة:24) وقال تعالى:﴿ كُلُوا
وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (المرسلات:43)
ويذكر القرآن
الكريم فرح المؤمنين بما قدموه من أعمال بعد أن رأوا أنواع الجزاء المعدة لهم، قال
تعالى:﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي
مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا
لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ
رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا
بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (لأعراف:43)