اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 298
وذلك عقوبة لهم على
عبادتهم العجل [1]، وهو لا يقل مشقة على النفوس مما تعرض له هؤلاء.
ومنها أن الكثير من
الأوامر التي أمر الله تعالى بها في الدنيا نظير الأمر بدخول النار (فإن الأمر
بإلقاء نفوسهم بين سيوف أعدائهم ورماحهم وتعريضهم لأسرهم لهم وتعذيبهم واسترقاقهم
لعله أعظم من الأمر بدخول النار)[2]
زيادة على ذلك كله، فإن
أن أمرهم بدخول النار ليس عقوبة لهم، وكيف يعاقبهم على غير ذنب؟ ( وإنما هو امتحان
واختبار لهم هل يطيعونه أو يعصونه فلو أطاعوه ودخلوها لم تضرهم وكانت عليهم بردا
وسلاما، فلما عصوه وامتنعوا من دخولها استوجبوا عقوبة مخالفة أمره، والملوك قد
تمتحن من يظهر طاعتهم هل هو منطو عليها بباطنه فيأمرونه بأمر شاق عليه في الظاهر،
هل يوطن نفسه عليه أم لا؟فإن أقدم عليه ووطن نفسه على فعله أعفوه منه، وإن امتنع
وعصى ألزموه به أو عاقبوه بما هو أشد منه)[3]
ومن هذا الباب أمر الله
تعالى الخليل u بذبح ولده، ولم يكن مراده تعالى من ذلك سوى امتحانه على مدى امتثاله
وتسليمه وتقديمه محبة الله على محبة الولد، فلما فعل ذلك رفع عنه الأمر بالذبح.
بل إن عباد النار ـ
مع كفرهم ـ يتهافتون فيها ويلقون أنفسهم فيها طاعة للشيطان، ولا يقولون: ليس ذلك
في وسعنا مع تألمهم بها غاية الألم، ( فعباد الرحمن إذا أمرهم