اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 283
وهذا الحديث غير
محفوظ به الصيغة، بل لفظه الصحيح، هو قوله a:( تحاجت الجنة والنار،
فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والتمجبرين؛ وقالت الجنة: مالي لا يدخلني إلا ضعفاء
الناس وسقطهم؟ قال اللّه عزَّ وجلَّ، للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي،
وقال للنار: إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منكما ملؤها.
فأما النار فلا تمتليء حتى يضع رجله فيها فتقول: قط قط فهنالك تمتليء وينزوي بعضها
إلى بعض، ولا يظلم اللّه عزَّ وجلَّ من خلقه أحداً، وأما الجنة فإن اللّه عزَّ
وجلَّ ينشيء لها خلقاً آخر)[1]
ولو فرضنا صحة ما
استدلوا به،أو فرضنا أن المراد بالرجل في الحديث خلق من خلق الله، فقد يكون لهذا
الخلق خاصية التنعم بالنار، فتكون جهنم نعيما لهم، أو أن لا يكون لها أي تأثير
عليهم، كما أنه ليس لها أي تأثير على خزنة جهنم وزبانية النار.
فقاسوا ذرية
الكافرين بذرية المؤمنين، وهو قياس غير صحيح، فليست هناك أي علة يمكن الرجوع إليها
في هذا، والقياس لا يصح في الغيبيات.
بل ذكر ابن القيم أن
الآية حجة على نقيض ما ادعوه من وجهين [2]:
الأول: إخباره أنه لم
ينقص الآباء بهذا الإلحاق من أعمالهم شيئا، فكيف يعذب هذه الذرية بلا ذنب؟
والثاني: أنه سبحانه
نبه على أن هذا الإلحاق مختص بأهل الإيمان وأما الكفار فلا يؤاخذون إلا بكسبهم كما
قال تعالى:﴿ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ﴾ (الطور: 21) رهين.