اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 234
وقبل العروج في معارج
النصوص نحب أن نقرب الصورة الواقعية لهذه السدود بمثال واقعي، وهو أن المجرم في أي
قانون من قوانين الدنيا يحاسب ويعاقب بحسب جرائمه، فقد يكتفى بحجزه أياما معدودة،
قد يتلقى فيها بعض التوجيهات، ثم يطلق لحال سبيله.
وقد تزيد جريمته، فيشتد
عليه بحسبها، بل قد يحكم عليه بأن يقضي حياته محجوبا في السجن، أو يقضى عليه
بالإعدام.
وهذه المصطلحات الحسية
لهذا العقاب الحسي لتلك الجرائم الحسية هو نفسه الذي استعاره القرآن الكريم
للعقوبات المعنوية لجريمة المعصية لله.
وقد تقرب الصورة أكثر
إذا عدنا إلى مثال الامتحان الذي ذكرناه سابقا، والذي يوهب للمتحنين فيه ورقة
بيضاء نقية كنقاوة الفطرة الإنسانية، فإذا ما اشتغل الطالب بتلطيخ تلك الورقة إلى
أن تصبح ورقة سوداء لا محل فيها لأي إجابة صحيحة أو خاطئة، فهل يقال بأن مراقب
الامتحان إن أخبره بأن ورقته قد طبع عليها أو ختم عليها، فليس فيها محل لأي جواب
يكون المراقب قد أجبره على ذلك الطبع والختم.
ومثل ذلك تماما ورقة
الفطرة الإنسانية، وصفحة القلب إن ملأها صاحبها بصنوف المعاصي.
انطلاقا من هذين
المثالين نعود إلى القرآن الكريم لنطبق حقائق القرآن الكريم التي يجادل فيها
المجادلون على ما يتصورونه منتهى عدلهم.
ونقرأ لذلك جزءا من
سورة المطففين التي تتحدث عن شخصية المطفف المحتال الذي يتعامل مع الحقائق الكبرى
انطلاقا من مصالحة الضيقة المحدودة، فتختصر الدنيا والآخرة عنده في تلك المكاييل
التي يكيل بها، وفي تلك الفوائد التي يجنيها.
وأول ذلك الإخبار
بمصيرهم الأخروي الذي ينتهي بهم إلى سجين، وهي السجن الضيق، وهو سجن يتناسب مع
قلوبهم التي ضاقت عن الحقائق واكتفت بالمكاييل.
اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 234