وهذا
التدبير يشمل جميع الأشياء، حتى ما نتوهمه مظاهر طبيعية، ناتجة عن أسبابها الفلكية
الحسية، قال تعالى:﴿
يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي
اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمّىً
ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ
مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ﴾ (فاطر:13)
فالله
تعالى هو
الذي يمدنا بضوء النهار وسكينة الليل، لا حركات الأرض، قال تعالى:﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ
وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ
مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ
وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً﴾ (الاسراء:12)
والله
هو الذي يقلب الليل والنهار، لا ما نتوهمه من أسباب، قال تعالى:﴿ يُقَلِّبُ
اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي
الْأَبْصَارِ﴾ (النور:44)، وقال تعالى:﴿
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ
سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً﴾
(الفرقان:47)، وقال تعالى:﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ
أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً﴾ (الفرقان:62)
وليس
هناك من تناقض بين الأمرين، فلا علمنا بتدبير الله ينفي الأسباب التي وضعها الله،
ولا الأسباب تنفي تدبير الله، فالأشياء وأسبابها جميعا خلق من خلق الله.