قال: الناس مختلفون، فيهم الغني الذي يقدر على أن يدفع، وفيهم الفقير ولا قدرة له على الدفع..
قلت: تقصد أن يقبض الطبيب من الأغنياء حق خدمته، ولا يقبض من الفقراء.
قال: هذا صحيح، فكيف يقبض منهم ما ليس عندهم؟
ضحكت، وقلت: لكأني بكم لا تعرفون هؤلاء الأطباء، إنهم لا يضعون سماعاتهم على صدرك حتى يضعوها على جيبك.
قالوا: كيف.. أجيبك ينبئهم عن مرضك؟
قلت: لا.. بل ينبئهم عن استحقاقك للعلاج أو عدم استحقاقك.
قال: أيتركونك للموت من أجل فراغ جيبك؟
قلت: هم يخلون أنفسهم من المسؤولية.
قال: فأين زكاة صناعتهم؟
قلت: يدفعون ربع العشر عند مرور الحول.. هذا إن بقي لهم النصاب الذي لم يأت عليه ما يتطلبه الترف.
قالوا: هناك زكاة المال، وهناك زكاة الصناعة.
قلت: لا أعرف في أبواب الزكاة ما يسمى بزكاة الصناعة.
قالوا: ألا تعرف أن زكاة العلم إنفاقه؟
قلت: بلى، فلا يصح أن يكتم العلم، وقد قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ﴾(البقرة:159)، و قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ (البقرة:174)