responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ابتسامة الأنين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 50

خوارق صنعته وبدائع مهارته، فيقصّ ويبدل، ويطوّل، ويقصر، وهكذا..

فهل يـحق لذلك الفقير الاجير ان يقول لذلك الصانع الـماهر: (إنك تتعبني وترهقني وتضيّق عليّ بطلبك مني الانحناء مرة والاعتدال أخرى.. وانك تشوّه الجمال المتألق على هذا القميص الذي يجمّل هندامي ويزيّن قامتي بقصّك وتقصيرك له.. إنك تظلمني ولا تنصفني؟)

قلت: فأنزل هذا المثل على ما نحن فيه.

قال: هكذا الأمر بالنسبة للصانع الجليل سبحانه وتعالى - ولله الـمثل الاعلى - الذي البسك أيها المريض قميص الجسد، وأودع فيه الحواس النورانية المرصعة كالعين والأذن والعقل، فلأجل اظهار نقوش اسـمائه الـحسنى، يبدّلك ضمن حالات متنوعة ويضعك في اوضاع مـختلفة. فكما انك تتعرف على اسـمه (الرزاق) بتجرعك مرارة الـجوع، تتعرف على اسـمه (الشافي) بـمرضك[1].

سمعت صوتا آخر يقول: لم يختر الله لك إلا ما يصلح.. فلا تطلب ما لا يصلح لك.

قلت: لقد ذكرني هذا بقوله a في الأثر الإلهي: (إن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسدت عليه دينه، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسدت عليه دينه)[2]

قال المعلم، وقد رأى استرواحي لسكوني: قم لنسر إلى قاعة أخرى من هذا المستشفى.

قلت: دعني ـ يا معلم ـ لأسمع لجميع هذه الأصوات، فقد ملأت نفسي سكينة.

قال: لو ظللت تسمعها دهرك جميعا ما خرجت، فكل الكون، وكل حقائق الوجود تدعوك إلى السكون إلى الله.. فارحل.. فلا ينبغي أن تسكن لغير الله.


[1] الكلمات: الكلمة السادسة والعشرون: 554.

[2] الخطيب في التاريخ وغيره.

اسم الکتاب : ابتسامة الأنين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 50
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست