responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ابتسامة الأنين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 25

ذلك إلى فناء عمره في إصلاحها.

وإما أن ينظر إلى مدى استعدادها للإصلاح، فإن أطاق إصلاحها أصلحها، لأنها ستختصر له الكثير من مشاق الطريق، فإن أبت الإصلاح تركها، واعتمد على وسائل أخرى يصل بها إلى تحقيق مهمته.

قال: وهكذا حال المنشغل عن بلائه والمنشغل به، فالمنشغل به ضيع مصلحتين: سيارته التي قد لا يفيده إصلاحها، ومهمته التي لا تساوي معها سيارته شيئا.

أما المنشغل عنها، فإنه وإن ضيع سيارته، فقد حفظ مهمته، بل قد يرزق بالسعي ما يعوضه عما فاته.

قلت: ولعل هناك ثمارا أخرى جليلة لما ذكروه، فالأطباء ـ اليوم، كما كانوا قبل اليوم ـ ينصحون بالانشغال عن الداء، ويعتبرونه أسلوبا حكيما من أساليب الشفاء.

فخطر أكثر الأمراض هو ما تسببه لصاحبها من أنواع الإزعاج، وهو ما يؤثر بعد ذلك على الصحة، فإذا ما انشغل المريض عن مرضه بأي شاغل كان ذلك علاجه أو مقدمة لعلاجه.

قال: لقد ذكرتني ببعض الصالحين كان له أخ، وكان يقربه ويقبل عليه، فاعتل، فعاده، فقال:

مَرِضَ الحبـيبُ فَعُدتُهُ فمَرَضْتُ مِنْ حَذري عليهِ

وأتى الحبـيبُ يعودني فبَرئْتُ مِنْ نَظَري إليهِ

فالنظر إلى الحبيب والانشغال به كاف في إعادة القوة الحافظة للصحة، وفيه انشغال عن الأوهام التي يسببها فراغ القلب.

قلت: الإحصائيات المعاصرة تثبت أن الكثير ممن يتردد على العيادات مصابون بوسواس المرض، الذي هيجه فيهم فراغ قلوبهم، وانشغالهم بعالم الطين.

قال: ولهذا، فإن كثيرا من نزلاء هذا المستشفى يكتفون بهذه القاعة، فيرجعون إلى

اسم الکتاب : ابتسامة الأنين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 25
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست