اسم الکتاب : ابتسامة الأنين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 135
تدخل رجل من نزلاء المستشفى، فقال: إن هذه الحقيقة يذعن
لها الكل حتى أولئك الذين يجهلون الله عند الرخاء، فإنه إذا ما حلت بهم الشدائد لا
يجدون غير باب الله، قال تعالى:﴿ وَإِذَا مَسَّ الْأِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ
أَوْ قَاعِداً أَوْ قَائِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ
يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ﴾ (يونس:12)، وقال تعالى:﴿ وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ
مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ
مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ﴾ (الروم:33)، وقال تعالى:﴿ وَإِذَا مَسَّ الْأِنْسَانَ ضُرٌّ
دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا
كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَاداً لِيُضِلَّ عَنْ
سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ﴾ (الزمر:8)، وقال
تعالى:﴿
فَإِذَا مَسَّ الْأِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً
مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ
أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ (الزمر:49)
تدخل آخر، فقال: والله تعالى لا يعاتب هؤلاء على تذكرهم
إياه وقت الكرب والشدة، بل يعاتبهم على نسيانهم وغفلتهم حال الأمن والعافية.
جاء ثالث، وهو يقول: يخبرنا القرآن الكريم عن رجل من الزمن
السالف رأى قرية قد دب إليها الخراب، وكساها الموت بسرابيله، بل كفنها بأكفانه،
فتأسف حزنا عليها، فأماته الله مائة عام، ليراها وقد دبت إليها الحياة، فلا يحزن
ولا ييأس، قال تعالى:﴿ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ
عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا
فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ
لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ
إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ
وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا
ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (البقرة:259)
شارح الصدور:
رأيت صورة غيوم كثيرة لكنها غير ممطرة، ولا تبقى في
السماء، بل كانت تنزل إلى الأرض، ثم تدخل إلى الصدور، فيصيح أصحابها من الألم
والضيق.. فيأتي نسيم عليل يذهب
اسم الکتاب : ابتسامة الأنين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 135