اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 92
والقلوب الطاهرة.
ومثل ذلك ما ورد في قوله تعالى: ﴿وَمَا
لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ الله عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ
لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِن كَثِيرًا
لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِن رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ
بِالْمُعْتَدِينَ﴾ [الأنعام: 119]
فهذه الآية الكريمة تشير إلى
استغناء العقل عن الشرع، أو استغناء العين عن السراج.. حينها يخبط خبط عشواء،
ويتدخل فيما لا يعنيه..
ومثال ذلك ـ أيها المريد الصادق ـ
مثال من ينشئ لنفسه قانونا خاصا للمرور، فيرتكب المخالفات؛ فإذا ما سئل عن ذلك،
ذكر أنه لا يحب أن يملي عليه أي قانون لا ينسجم مع هواه.. مع أنه لا يمكن أن يكون
هناك نظام في أي شيء من دون أن تكون هناك قوانين تحكمه.
وهكذا الأمر بالنسبة لما ذكرت
الآية الكريمة؛ فهي تشير إلى أن المتحكم في التحليل والتحريم هو الله.. ذلك أن
الملك ملكه، والعباد ضيوف عنده، فإن أباح لهم شيئا، أو حرمه، لم يكن على العباد
سوى الخضوع لذلك، لأنه صادر من صاحب الملك والعلم والحكمة.
ولهذا اعتبر الله تعالى الجدال في
ذلك، والافتراء على الله بتحليل الحرام، أو تحريم الحلال تدخلا من العقل فيما لا
يعنيه، وهو يدل على أن مصدر ذلك هو الهوى.. وأن من يقوم بذلك شيطان من شياطينه،
كما قال تعالى ـ معقبا على تلك الآية الكريمة ـ: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا
لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ الله عَلَيْهِ وَإِنهُ لَفِسْقٌ وَإِن الشَّيَاطِينَ
لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنكُمْ
لَمُشْرِكُونَ﴾ [الأنعام: 121]
وقد أشار القرآن الكريم إلى أن
الآلة التي يستعملها أهل الهوى وشياطينه هي الجدال، وهو التلاعب بالألفاظ
والمعاني، ليصرفوا به عن الحق الواضح المنير، كما قال تعالى:
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 92