اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 89
اتباع
الهوى
كتبت
إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن الهوى، وعلاقته بالنفس والشيطان، وهل هو من
إلهام الشيطان ووساوسه، أم هو من ابتداع النفس الأمارة بالسوء ومثالبها؟.. أو هو
من البيئة والمحيط الذي يعيشه الإنسان؟ أو هو من الثقافة التي ربي عليها، وأسس
عقله وفكره على أساسها؟
وكل
ما سألته أسئلة نافعة تحتاج إلى الإجابة عنها.. لكن ذلك كله قد لا يفيدك كثيرا في
تهذيبك لنفسك، وتزكيتك لها، ذلك أن المهم عندك الآن، وفي هذه المرحلة، تمييز
الحقائق من الأهواء، ولا يهمك بعد ذلك هل كان مصدر الأهواء إملاءات شيطانية، أو
بدعا نفسية، أو تلقينا اجتماعيا..
ولذلك؛
فإن أول ما عليك فعله في هذه المرحلة، لتميز الحقائق عن الأهواء، هو البحث عن المقدس
المعصوم الذي يمكنك أن تستند إليه، وأنت واثق من أنه يحمل الحقيقة المطلقة.. أما
ما عداه؛ فيمكن أن يحملها سليمة صافية من كل كدر، ويمكن أن يشوهها ويغيرها
ويبدلها؛ فتصبح باطلا في صورة حق، وسما في طعم عسل.
وقد
جعل الله لنا ـ أيها المريد الصادق ـ مصدرين يمكننا أن نستند إليهما في ذلك
التمييز.. فإذا عطلناهما، أو عطلنا أحدهما تسربت إلينا الأهواء من كل السبل.
أما
أحدهما فشريعة ربنا، ومصادرها المقدسة، وأما الثاني، فالعقل السليم الذي أودعه
الله فينا لنميز به بين الحق والباطل، ذلك العقل الذي لم تتلاعب به الأهواء، ولم
يدنس بالشهوات.
وقد ضرب بعض الحكماء لكلا المصدرين مثلا،
فقال: (اعلم أن العقل لن يهتدي إلا
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 89