واعلم ـ أيها المريد الصادق ـ أن
الشيطان لن يتمكن منك إلا إذا مكنته من نفسك؛ ولهذا يدرس الشيطان المزاج والطبع
الإنساني ليستحوذ عليه من خلاله، وقد روي عن بعض الصالحين أنه سأل إبليس: بأي شيء
تغلب ابن آدم؟ قال: (آخذه عند الغضب وعند الهوى)
وروي أنه ظهر لراهب فقال له: أي
أخلاق بني آدم أعون لك؟ قال: (الحدة إن العبد إذا كان حديدا قلبناه كما يقلب
الصبيان الكرة)
وروي أنه ظهر ليحيى عليه السلام
فرأى عليه مغاليق من كل شيء، فقال له يحيى عليه السلام: يا إبليس ما هذه
المغاليق؟ قال: (هذه الشهوات التي أصبت بها بني آدم)، قال: فهل لي فيها شيء؟ قال:
(ربما شبعت فثقلناك عن الصلاة وعن الذكر)، قال: هل غير ذلك قال: لا، قال يحيى: لله
علي أن لا املأ بطني من طعام أبدا، فقال إبليس: ولله علي أن لا أنصح مسلما أبدا([78]).
ويروى أن الشيطان يقول: (كيف
يغلبني ابن آدم؟ وإذا رضي جئت حتى أكون في قلبه وإذا غضب طرت حتى أكون في رأسه)
وإياك ـ أيها المريد الصادق ـ بعد
إيراد هذه الأحاديث والحكايات عليك أن تتساءل عن كيفية حديث الشيطان، وبأي صورة
ظهر، وهل يمكن أن يلتقي بالإنسان.. فكل هذه الأسئلة من كيد الشيطان ومكره، وهي من
أساليبه التي يستعملها ليصرفك عن الحق.
وقد روي في الحديث قوله a: (يأتي الشيطان أحدكم فيقول:
من خلق كذا؟ من