اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 84
وقد عقب الله تعالى على قول
إبراهيم عليه السلام مقررا هذه الحقيقة المطلقة، ومقننا هذه السنة الإلهية التي لا
تتخلف، فقال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ
بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ (الأنعام:82)
وعلى خطى إبراهيم عليه السلام سار
أصحاب محمد a الذين: ﴿
الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ الناسُ إِن الناسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ
فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ (آل
عمران:173)
ولذلك فإن مصدر المخاوف التي
تعتري النفوس فتملأها هما وحزنا، هو حصاد نبات الغفلة والشرك، وهما مرتع من مراتع
الشيطان، قال تعالى: ﴿ إِنمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ
أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾
(آل عمران:175)
وبخلاف هذا نجد الغافلين
والجاحدين أكثر الناس مخاوف، فهم يخافون كل شيء، وقد يدركون ما يخافون، وقد لا
يدركون، كما عبر بعضهم عن نفسه بقوله عن مخاوفه التي لا تنتهي، والتي لا يعلم لها
سببا:(إنني أعيش في خوف دائم، في رعب من الناس والأشياء، ورعب من نفسي، لا الثروة
أعطتني الطمأنينة، ولا المركز الممتاز أعطانيها ولا الصحة، ولا الرجولة، ولا
المرأة، ولا الحب، ولا السهرات الحمراء... ضقت بكل شيء، بعد أن جربت كل شيء)
فالمعرفة الصحيحة بالله والتي
تتولد عنها جميع المعارف، وتصحح بها جميع الفهوم، وتنشق عنها جميع المشاعر هي التي
تقي المؤمن من الخوف الذي يستعبد الناس.
هذه ـ أيها المريد الصادق ـ بعض
مسالك الشيطان إلى نفس الإنسان، فتعلم علمها، واحذر منها، ولا تيأس من التفلت
منها، فالشيطان مع كيده ومكره وخداعه أضعف خلق الله.. ومن عرف نقاط ضعفه، يمكنه أن
ينتصر عليه بسهولة.
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 84