اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 70
المشي مختالا، فامش هونا.. وإن
كان يدعوك إلى رفع صوتك فخفضه.. وإن كان يدعوك إلى هجر الناس، فتقرب منهم.. وهكذا
تقاوم الداء بما يضاده، إلى أن تتخلص منه.
نعم.. قد يشق عليك ذلك في البدء..
لكنك عندما تدمن عليه، وعندما يرى الله فيك صدق العبودية، يخلصك من هذا المثلب
الخطير الذي علق الله به كل أنواع الخسارة.
وقد روي في الأخبار أن بعضهم كان
وزيراً وعالماً وأبوه كان أميراً؛ ثم بدا له أن يسير في طريق السائرين إلى الله،
فذهب إلى بعض المشايخ، فرأى فيه بعض آثار الكبر، فقال له: لا يمكنك أن تنال شيئاً
في هذا الطريق حتى تبيع متاعك، وتلبس قشابة، وتأخذ دفا، وتدخل السوق، ففعل جميع
ذلك، فقال له: ما تقول في السوق؟ فقال قل بدأت بذكر الحبيب فدخل السوق يضرب بنديره
ويقول بدأت بذكر الحبيب؛ فبقي ثلاثة أيام، وخرقت له الحجب، فجعل يغني في الأسواق
بعلوم الأذواق([59]).وقريب
منه ما روي أن رجلاً كان لا ينقطع عن مجلس بعض المشايخ، فقال له ذات يوم: يا أستاذ
أنا منذ ثلاثين سنة أصوم الدهر وأقوم الليل وقد تركت الشهوات ولست أجد في قلبي من
هذا الذي تذكره شيئاً البتة، فقال له الشيخ: لو صمت ثلاثمئة سنة وقمت ثلاثمئة سنة
وأنت على ما أراك لا تجد من هذا العلم ذرة، قال: ولم يا أستاذ، قال: لأنك محجوب
بنفسك فقال له: أفلهذا دواء حتى ينكشف هذا الحجاب، قال: نعم ولكنك لم تقبل، قال:
بلى أقبلُ وأعمل ما تقول، قال الشيخ: اذهب الساعة إلى الحجام واحلق رأسك وانزع عنك
هذا اللباس، وابرز بعباءة وعلق في عنقك مخلاة واملأها جوزاً واجمع حولك صبياناً
وقل بأعلى صوتك: يا صبيان من يصفعني صفعة أعطيته جوزة، وادخل إلى سوقك الذى تعظم
فيه فقال الرجل: سبحان الله تقول لي مثل هذا ويحسن أن أفعل هذا فقال