اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 68
ذهب؟ إعظاما للذّهب وجمعه،
واحتقارا للصّوف ولبسه، ولو أراد الله سبحانه لأنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز
الذّهبان، ومعادن العقيان، ومغارس الجنان، وأن يحشر معهم طيور السّماء، ووحوش
الأرضين لفعل، ولو فعل لسقط البلاء، وبطل الجزاء، واضمحلّت الأنباء، ولما وجب
للقابلين أجور المبتلين، ولا استحقّ المؤمنون ثواب المحسنين، ولا لزمت الأسماء
معانيها، ولكن الله سبحانه جعل رسله أولي قوّة في عزائمهم، وضعفة فيما ترى الأعين
من حالاتهم، مع قناعة تملأ القلوب والعيون غنى، وخصاصة تملأ الأبصار والأسماع أذى)
ثم فسر سر كون الأنبياء من
البسطاء والناس العاديين؛ فقال: (و لو كانت الأنبياء أهل قوّة لا ترام، وعزّة لا
تضام، وملك تمدّ نحوه أعناق الرّجال، وتشدّ إليه عقد الرّحال، لكان ذلك أهون على
الخلق في الاعتبار، وأبعد لهم في الاستكبار، ولآمنوا عن رهبة قاهرة لهم، أو رغبة
مائلة بهم، فكانت النيّات مشتركة، والحسنات مقتسمة، ولكن الله سبحانه أراد أن يكون
الاتّباع لرسله، والتّصديق بكتبه، والخشوع لوجهه، والاستكانة لأمره، والاستسلام
لطاعته، أمورا له خاصّة، لا تشوبها من غيرها شائبة، وكلّما كانت البلوى والاختبار
أعظم، كانت المثوبة والجزاء أجزل)
ولهذا كان اختبار الله تعالى
للمستكبرين من أقوام الأنبياء بأولئك البسطاء الذين اتبعوهم، كما قال تعالى: ﴿فَقَالَ
الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا
وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ
وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنكُمْ كَاذِبِينَ ﴾
[هود: 27]
وأخبر عن جواب نوح عليه السلام
عندما طالبه قومه بطرد المستضعفين لينضموا إلى دعوته، فقال: ﴿يَاقَوْمِ لَا
أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الله وَمَا أَنَا
بِطَارِدِ الَّذِينَ
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 68