اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 50
ليعلم أنه عاجز فقير، ويشهد على
نفسه لتكون الحجة عليه أوكد، كما فعل بإبليس، والعجب نبات حبها الكفر، وأرضها
النفاق، وماؤها البغي، وأغصانها الجهل، وورقها الضلالة، وثمرها اللعنة والخلود في
النار، فمن اختار العجب فقد بذر الكفر وزرع النفاق، ولا بد من أن يثمر) ([39])
فاجعل هذه المقولة ـ أيها المريد
الصادق ـ بين عينيك؛ فهي مقولة إمام من أئمة الهدى، ووارث من ورثة النبوة، وهو
يحذرك فيها من آثار العجب، فهو مثل الأمراض الخبيثة يتطور ويثمر كل ألوان
الخبائث.وقد سئل الإمام الكاظم عن العجب الذي يفسد العمل، فقال: (العجب درجات منها
أن يزين للعبد سوء عمله، فيراه حسنا ويحسب أنه يحسن صنعا، ومنها أن يؤمن العبد
بربه فيمن على الله، ولله عليه فيه المنة)([40])إن الإمام الكاظم ـ أيها المريد
الصادق ـ يشير إلى أثر من آثار العجب الخطيرة، وهو الإدلال على الله، ذلك الذي نهى
الله تعالى عنه في قوله: ﴿وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ﴾ [المدثر: 6]،
وقد قيل في تفسيرها: (أي لا تدل بعملك)
وهو ما أشار الله تعالى إليه في
قول صاحب الجنتين: ﴿مَا أَظُن السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ
إِلَى رَبِّي لَأَجِدَن خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا﴾ [الكهف: 36]، فقد بلغ
به إعجابه بنفسه أنه تصور أن الله سيرزقه في الدار الأخرى، كما رزقه في الدنيا.
ومثله ذلك المشرك المعاند الذي
حدث عنه قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ
لَأُوتَيَن مَالًا وَوَلَدًا﴾ [مريم: 77]، وقد رد الله تعالى عليه بقوله: ﴿
أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ
[39] مصباح
الشريعة، الباب الأربعين، المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء، ج6، ص: 277.