اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 311
عليهم
السلام، وبين أن كل ذلك المكر ارتد عليهم، وأن الخسارة حاقت بهم، قال تعالى ـ
مبينا سنته في ذلك ـ ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ
مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا
يَشْعُرُونَ ﴾ [الأنعام:123]
والآية
الكريمة لا تشير فقط إلى أعداء الرسل عليهم الصلاة والسلام، وإنما تشير إلى أعداء
الحقيقة، وأعداء الصادقين في كل مكان وزمان، وأنهم جميعا سيرتد كيدهم عليهم في
نحورهم، ويحفظ الله تعالى المؤمنين من شرورهم، كما ذكرت ذلك السيدة زينب في
مواجهتها ليزيد، وقولها له: (فكد كيدك واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو
ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا، ولا ترحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند،
وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم يناد المناد ألا لعنة الله على الظالمين،
فالحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة ولآخرنا بالشهادة والرحمة، ونسأل الله أن
يكمل لهم الثواب، ويوجب لهم المزيد ويحسن علينا الخلافة، إنه رحيم ودود)
([456])
ولذلك
فإن نهج الإمام الحسين لا زال قائما، وكلماته لا تزال حية، وتلاميذه وأبناؤه لا
يزالون يقاومون الطغيان.. ولا يزالون يرفعون رايات المواجهة الكبرى مع جميع
الشياطين والظلمة والمستبدين.. على الرغم من كل أصناف الكيد والمكر والخديعة التي
وجهت لهم، وعبر التاريخ جميعا.
ومن النماذج التي ذكرها القرآن
الكريم لكيد أعداء الرسل عليهم الصلاة والسلام الكيد الذي تعرض له نوح عليه السلام
الذي مكر به قومه مكرا عظيما، وصفه الله تعالى بقوله ﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا
كُبَّارًا ﴾ [نوح:22]، لكن الله تعالى كاد له من حيث لا يحتسبون، فأمره
بأمر غريب لم يكن في حسبانهم، قال تعالى:﴿وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا
مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ