responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 27

185]

ولهذا كله اعتبر رسول الله a الغرور هو المصيدة التي لا ينجو منها إلا الفطنون الحذرون الصادقون الذي لا يسكنون لشيء، فقال: (حبّذا نوم الأكياس وفطرهم، كيف يغبنون سهر الحمقى واجتهادهم، ولمثقال ذرّة من صاحب تقوى ويقين أفضل من مل‌ء الأرض من المغترّين)([5])

وقال في حديث آخر: (الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والاحمق من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأمانيّ)([6])

وليس ذلك فقط، ما ورد في النصوص المقدسة من التحذير من الغرور، وإن كان كافيا، بل إن (كلّ ما ورد في فضل العلم وذمّ الجهل فهو دليل على ذمّ الغرور، لأن الغرور عبارة عن بعض أنواع الجهل، إذ الجهل هو أن يعتقد الشي‌ء، ويراه على خلاف ما هو به، والغرور هو الجهل)([7])

بل هو أخطر أنواع الجهل، ذلك أن الغرور جهل مركب؛ فالمغرور لا يكتفي بأن يجهل، وإنما يضم إليه ذلك التفكير الرغبوي الذي يجعله يرى الأشياء كما يحب، لا كما هي في الواقع، ثم يذهب إلى المغالطات والأكاذيب ليعتمدها أدلة على صدق دعواه، وإن لم تكن كذلك.

ولذلك يصبح علمه علم هوى، لا علما موضوعيا واقعيا.. وذلك أخطر أنواع الجهل.. ولهذا عرف الحكماء الغرور بأنه (سكون النفس إلى ما يوافق الهوى، ويميل إليه


[5] ابن أبي الدنيا في كتاب اليقين.

[6] الترمذي والحاكم وأحمد وابن ماجه رقم 4260.

[7] المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء، ج‌6، ص: 293.

اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 27
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست