قلت:
فقد آل الأمر في هذا النوع من المقادير إلى الجبر.
قال:
لا .. أنت لم تفهم الآية ولا الحديث.. فهي لا تعني أن ذلك قضاء لازم لا مفر منه..
وإلا لو كان ذلك لما أمكن للفقير أن يتحول إلى الغنى، ولا للمريض أن يتحول إلى
الصحة.
قلت:
فكيف توفق بين ما ورد في النصوص المقدسة، وما ذكرته؟
قال:أرأيت
لو أن شخصا كتب الله له أن يعيش في بيئة فقيرة، ثم راح جميع عمره يتأسف على ما كتب
له من العيش في تلك البيئة، هل ترى ذلك نافعا له في دنياه وأخراه؟
قلت:
لا.. بل هو لن يكسب من ذلك سوى الألم والحسرة، ولو أنه بدل أن يتألم للمصير الذي
وجد نفسه فيه، فكر في الطريقة التي يخرج بها منه، لكان أولى له، وأجدى نفعا.
قال:
وهذا ما تشير إلى النصوص المقدسة؛ فهي تطلب من العباد عدم الاهتمام بالوضع الذي لا
يستطيعون الخروج منه، ليهتموا بدل ذلك بالطريقة التي يخرجون بها منه..
قلت:
أذلك ما يشير إليه قوله تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ
وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ
ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ (الحديد:22)، فقد قال بعدها: ﴿لِكَيْلا
تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا
يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ (الحديد:23)
قال:
أجل.. فالله تعالى في الآيتين الكريمتين يذكر لعباده سر إخبارهم عن علمه وسبق
كتابته للأشياء قبل كونها، وذلك حتى لا يأسوا على ما فاتهم، ولا يفخروا على الناس
بما أنعم اللّه به عليهم.. وكلا الأمرين يحول بين الإنسان والعمل الصالح