اسم الکتاب : أسرار الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 356
بها بوجودها، والمدح ليس هو سبب وجودها..
وإن كانت
الصفة مما يستحق الفرح بها كالعلم والورع فينبغي أن لا يفرح بها لأن الخاتمة غير
معلومة، وهذا إنما يفتضي الفرح لأنه يقرب عند الله زلفى، وخطر الخاتمة باق، ففي
الخوف من سوء الخاتمة شغل عن الفرح بكل ما في الدنيا..
فينبغي أن
يكون فرحك بفضل الله عليك بالعلم والتقوى لا يمدح المادح، فإن اللذة في استشعار
الكمال والكمال موجود من فضل الله لا من المدح والمدح تابع له فلا ينبغي أن تفرح
بالمدح، والمدح لا يزيدك فضلاً وإن كانت الصفة التي مدحت بها أنت خال عنها ففرحك
بالمدح غاية الجنون.
قلنا: عرفنا
الترياق السادس.. فما السابع؟
قال زكريا: أن
يعلم أن الذم – الذي لا يخاف محب الجاه من شيء كما يخاف
منه - لا يخلو من ثلاثة أحوال: إما أن يكون قد صدق فيما قال وقصد به النصح
والشفقة؛ وإما أن يكون صادقاً ولكن قصده الإيذاء والتعنت، وإما أن يكون كاذباً.
فإن كان
صادقاً وقصده النصح فلا ينبغي أن يذمه ويغضب عليه بسببه، بل ينبغي أن يتقلد منته،
فإن من أهدى إليك عيوبك فقد أرشدك إلى المهلك حتى تتقيه، فينبغي أن تفرح به وتشتغل
بإزالة الصفة المذمومة عن نفسك إن قدرت عليها، فأما اغتمامك وكراهتك له وذمك إياه
فإنه غاية الجهل..
أما إن كان
قصده التعنت فأنت قد انتفعت بقوله إذ أرشدك إلى عيبك إن كنت جاهلاً به، وأذكرك
عيبك إن كنت غافلاً عنه، أو قبحه في عينك لينبعث من حرصك على إزالته إن كنت قد
استحسنته. وكل ذلك أسباب سعادتك وقد استفدته منه فاشتغل بطلب السعادة فقد أتيح لك
أسبابها بسبب ما سمعته من المذمة.
وأما قصد
العدو التعنت فجناية منه على دين نفسه، وهو نعمة منه عليك، فلم تغضب
اسم الکتاب : أسرار الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 356