اسم الکتاب : أسرار الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 125
وليبالغ في تـنقية قلبه الذي هو موضع نظر ربه من
الميل إلى شـهوات الدنيا، ومن الحقد والغل والغش لأحد من المسلمين، ومن الظــن
السوء بأحد منهم، وليكن ناصحا لهم رحيما بهم مشفقا عليهم، معتقدا الخير فيهم، يحب
لهم ما يحب لنفسه من الخير، ويكره لهم ما يكره لنفسه من الشر.
وعلى المريد
أن يجتهد في كف جوارحه عن المعاصي والآثام، ولا يحرك شيئا منها إلا في طاعة، ولا
يعمل بها إلا شيئا يعود عليه نفعه في الآخرة. وليبالغ في حفظ اللسان فإن جرمه صغير
وجرمه كبير، فليكفه عن الكذب والغيبة وسائر الكلام المحظور، وليحترز من الكلام
الفاحش، ومن الخوض فيما لا يعنيه، وإن لم يكن محرما فإنـه يقـسي القلب، ويكون فيه
ضياع الوقت، بل ينبغي للمريد أن لا يحرك لسانه إلا بتلاوة أو ذكر أو نصح لمسلم أو
أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو شيء من حاجات دنياه التي يستعين بها على أخراه
قالوا: وعينا
هذا.. فما علامة المريد الصادق؟
قال[1]:
لا يكون المريد مريدا حتى يجد في القرآن كل ما يريد، ويعرف النقصان من المزيد،
ويستغني بالمولى عن العبيد، ويستوي عنده الذهب والصعيد.
المريد من
حفظ الحدود، ووفى بالعهود، ورضي بالموجود، وصبر عن المفقود.
المريد من
شكر على النعماء، وصبر على البلاء، ورضي بمر القضاء، وحمد ربه في السراء والضراء،
وأخلص له في السر والنجوى.
المريد من لا
تسترقه الأغيار، ولا تستعبده الآثار، ولا تغلبه الشهوات، ولا تحكم عليه العادات.
كلامه ذكر وحكمة، وصمته فكرة وعبرة، يسبق فعله قوله ويصدق علمه عمله، شعاره الخشوع
والوقار، ودثاره التواضع والانكسار، يتبع الحق ويؤثره، ويرفض الباطل