responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : النبي الهادي المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 353

قلت: ما بال الناس.. كلهم يعتقدون ما ذكرت.. ولكنهم لا يجدون ما تذكر من أحوال؟

قال: ذلك يعود إلى أحد ‌أمرين: إما ضعف اليقين بإحدى هذه الخصال الأربعة، وإما ضعف القلب ومرضه باستيلاء الجبن ‌عليه وانزعاجه بسبب الأوهام الغالبة عليه، فإن القلب قد ينزعج تبعاً للوهم وطاعة له عن غير ‌نقصان في اليقين، فإن من يتناول عسلاً، فشبه بين يديه بنجاسة ربما نفر طبعه وتعذر عليه تناوله مع كونه عسلا.

ولهذا، فإن التوكل لا يتم إلا بقوة القلب، وقوة اليقين جميعاً، إذ بهما يحصل ‌سكون القلب وطمأنينته، فالسكون في القلب شيء، واليقين شيء آخر، فكم من يقين لا طمأنينة معه ‌كما قال تعالى لإبراهيم u:﴿ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ﴾ (البقرة: 260)، فالتمس أن يكون مشاهداً إحياء ‌الميت بعينه ليثبت في خياله، فإن النفس تتبع الخيال وتطمئن به ولا تطمئن باليقين في ابتداء أمرها ‌إلى أن تبلغ بالآخرة إلى درجة النفس المطمئنة؛ وذلك لا يكون في البداية أصلاً، وكم من مطمئن ‌لا يقين له.

قلت: علمت هذا، وأيقنت به.. فما درجات الناس فيه؟

قال: كثيرة.. لا يمكن حصرها.. ولكن مجامعها ثلاث:

أما الدرجة الأولى، فما وصفته لك من توكيل المخاصمين للمحامين، وثقتهم فيهم، فيكون حاله في حق الله تعالى والثقة بكفالته وعنايته كحاله في الثقة بالوكيل.

وأما الدرجة الثانية، وهي أقوى: فهي أن يكون حاله مع الله تعالى كحال الطفل مع أمه، فإنه لا يعرف غيرها، ولا يفزع إلى أحد سواها، ولا يعتمد إلا عليها.. فمن كان باله إلى الله عز وجل ونظره إليه واعتماده عليه كلف به كما يكلف الصبي بأمه فيكون متوكلاً حقاً: فإن الطفل متوكل على أمه.

أما الدرجة الثالثة، وهي أعلى الدرجات، فهي أن يكون بين يدي الله تعالى في حركاته وسكناته مثل الميت بين يدي الغاسل.. وهو الذي قوي يقينه بأن الله تعالى هو مجري الحركة

اسم الکتاب : النبي الهادي المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 353
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست