أضخم وأقوى: حقيقة أن لا كينونة لشيء في هذا الوجود على الحقيقة،
فالكينونة الواحدة الحقيقية هي لله وحده سبحانه؛ ومن ثم فهي محيطة بكل شيء، عليمة
بكل شيء ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ
بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (الحديد:3)
قلت: ومع ذلك فقد ذكر أن هذه الحال ليست كمالا.
قال: المتوقف عند هذه الحال والمستلذ لها لا شك في نقصه.. فهو قد
انقطع به الطريق... أو لم يفهم الغاية منه... فالخالع للكون الفاني لن يفهم مراد
الله من رسائل الكون حتى يعيد لبسه من جديد، باسم الله، لا باسمه الذي لا وجود له.
قلت: هذا العلم.. فحدثني عن الحال؟
قال: الحال هو الركن الركين للتوكل.. كما
أن الحال هو الركن الركين لجميع المقامات، ذلك أنه الواسطة بين العلم والعمل، وهو
صفة في النفس راسخة تدعو إلى إلى ما يقتضيه العلم.
وبما أنه حال قلبي، فقد اختلفت عبارات أهل الله في التعبير عنه.. فعبر
عنه بعضهم بقوله:(التوكل: الانخلاع من الحول والقوة)
وقال آخر:(التوكل: الاستسلام لجريان القضاء فى الأحكام)
وقال آخر: (التوكل: الاسترسال بين يدى الله تعالى)
وقال آخر:(التوكل: ترك الإيواء إلا إلى الله)
ولم يستطع آخرون أن يعبروا عن حالهم، فقالوا:(التوكل سر بين العبد
وبين الله)
قلت: وما تقول أنت في هذا؟
قال: التوكل مشتق من الوكالة، يقال: وكَّل أمره إلى فلان أي فوضه
واعتمد عليه فيه.. والتوكل ـ بهذا ـ عبارة عن اعتماد القلب وعلى الوكيل وحده.
فمن ادعى عليك دعوى باطلة، فوكلت من يكشف دعواه وبطلانها لم تكن
متوكلاً عليه