وأما الثمرة الثالثة، فلم تنتفع بشيء.. فلم تنبت كلأ، ولم تسق
عطشانا.
قلت: فهل طلبة العلم يتوزعون على هذه الأصناف الثلاثة؟
قال: أجل.. فمن طلبة العلم من يداوم على طلبه ويحرص عليه، ويكون له
من الذكاء وجودة الذهن ما يعينه عليه.. فذلك هو المحقق الذي ينتفع به الكل.
ومنهم من يحفظ للأمة دينها، ويحفظ ما جاء به نبيها من هدي، فيبلغه
كما حفظه، فيستفيد من حفظه العموم والمحققون..
ومنهم الذي لا يطيق هذا ولا ذاك.. والأولى به أن ينصرف إلى ما قدر
عليه من تجارة أو غيرها من المكاسب.
قلنا: فحدثنا عن الثمرتين الأوليين.
قال: لقد عبر العلماء عن علوم الأولى بأنها علوم دراية وتحقيق..
وعبروا عن علوم الثانية بأنها علوم رواية وحفظ.. وقد جمع بينهما a في قوله:(نضر الله عبدا سمع مقالتي
فوعاها، ثم بلغها عني، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه)[1]
قلنا: فحدثنا عن واجبات كلا الصنفين ليحقق من الإفادة ما أمر الله
به.
قال: هما ثنتان، من تحقق بهما، فقد تحققت له الإفادة بأكمل معانيها.
قلنا: فما هما؟
قال: النصح والتعليم.. فالعالم لا يكتفي بأحدهما عن الآخر.. لأن
أحدهما لا يغني عن الآخر.
قلنا: فبأيهما يبدأ؟
قال: هما قرينان لا ينفك أحدهما عن الآخر.. فالنصيحة لا تكون إلا
بعلم.. والعلم لا