قال جعفر: ذلك الشطح، وتلك الطامات..
وأحسن ما يقال فيها إن كان أصحابها من الصادقين أنها دليل على نقص حالهم، فهم
كبدوي لم ير في حياته إلا الخيام دخل مدينة صغيرة.. فهاله ما فيها.. وصاح معبرا عن
ذلك..
أما الكمل.. فهم أرفع من أن يصيحوا بمثل
ذلك، وقد روي أن الجنيد قال لمن سأله عن سر سكونه وقلة اضطراب جوارحه عند
السماع:﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ
السَّحَابِ ﴾ (النمل:88)
وأما الكامل الأعظم رسول الله a.. فقد ذكر الله حاله بعد أن عاين ما
عاين في رحلة المعراج، فقال:﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى﴾ (لنجم:17)
قال الشاب: إن من ذاق شيئا لابد أن يعبر
عن تأثيره فيه.. ومن صاحب أحدا لابد أن يحفظ حديثه معه.. فحدثني عن صحبة رسول الله
لله.
قال جعفر: لقد عبر رسول الله a عن ذلك، فقال: (اللهم أنت الصاحب في
السفر والخليفة في الأهل)[1]
قال الشاب: لقد خص رسول الله a بالصحبة السفر؟
قال جعفر: والدنيا كلها سفر.. ألم تسمع
قوله a: (ما لي وللدنيا؟ ما أنا في
الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها)[2]
قال الشاب: فحدثني عن صحبة رسول الله a لله.
قال جعفر: إنك لن تطيق ذلك.. ولن يطيق
أحد في الدنيا ذلك..
قال الشاب: فاختصر لي ما ييسر علي فهم
ذلك.
قال جعفر: سأحدثك من ذلك ما يمكن أن ترثه، وينفعك الله به..
ولكنك لن ترثه حتى