قال حاتم: نظرت في قول الله عز وجل:﴿ وَأَمَّا مَنْ
خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ
هِيَ الْمَأْوَى (41)﴾(النازعات)، فعلمت أن قوله سبحانه وتعالى هو الحق،
فأجهدت نفسي في دفع الهوى حتى استقرت على طاعة الله تعالى.
قال جعفر: أحسنت يا حاتم، فما الثالثة؟
قال حاتم: نظرت إلى هذا الخلق فرأيت كل من معه شيء له قيمة
ومقدار رفعه وحفظه ثم نظرت إلى قول الله عز وجل:﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ
وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ﴾ (النحل: 96)، فكلما وقع معي شيء له قيمة
ومقدار وجهته إلى الله ليبقى عنده محفوظاً.
قال جعفر: أحسنت يا حاتم، فما الرابعة؟
قال حاتم: نظرت إلى هذا الخلق، فرأيت كل واحد منهم يرجع إلى
المال وإلى الحسب والشرف والنسب، فنظرت فيها فإذا هي لا شيء ثم نظرت إلى قول الله
تعالى:﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ (الحجرات:
13)، فعملت في التقوى حتى أكون عند الله كريماً.
قال جعفر: أحسنت يا حاتم، فما الخامسة؟
قال حاتم: نظرت إلى هذا الخلق وهم يطعن بعضهم في بعض، ويلعن
بعضهم بعضاً، وأصل هذا كله الحسد، ثم نظرت إلى قول الله عز وجل:﴿ نَحْنُ
قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ (الزخرف: 32)،
فتركت الحسد، وعلمت أن القسمة من عند الله سبحانه وتعالى فتركت عداوة الخلق عني.
قال جعفر: أحسنت يا حاتم، فما السادسة؟
قال حاتم: نظرت إلى هذا الخلق يبغي بعضهم على بعض، ويقاتل بعضهم
بعضاً فرجعت إلى قول الله عز وجل:﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ
فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً ﴾ (فاطر: 6)، فعاديته