اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 332
يدعوه لرفع همته، وتحمل الأمانة التي
أنيطت به.
قال رجل منهم: يا إمام.. إنا لم نشكو
إليك ما يصيبنا من أصناف البلاء.. فنحن نستحلي ذلك في ذات الله.. ولكنا نشكو إليك
ما نخافه من أنفسنا من التقصير والتفريط في سلوكنا، وذلك ما قد يشوه الدعوة
العظيمة التي نحملها.
قال بديع الزمان: إن الهمة التي تحمل على
التضحية في سبيل الله بكل غال ونفيس هي نفس الهمة التي تحمل على الثبات على السلوك
الرفيع والخلق العظيم..
إن الهمة العظيمة لا تتوزع.. بل هي تطلب
كل ما يرضي الله، فتفعله، وهي تبدأ بالحياة، فتجعلها جميعا منفعلة بطاعة الله، ثم
تختم ذلك بالوفاة لتجعله موتا في سبيل الله..
لقد تحدث عبد الله بن مسعود عن هذا، فقال:
ينبغي لحامل القرآن أن يُعرف بليله إذا الناسُ نائمون، وبنهاره إذا الناسُ
مُفطرون، وبورعه إذا الناس يخلطون، وبتواضعه إذا الناسُ يختالون، وبحزنه إذا
الناسُ يفرحون، وببكائه إذا الناسُ يضحكون، وبصمته إذا الناسُ يخوضون)
***
في ذلك المساء.. وبينما كان الإمام مع
تلاميذه في ذلك المجلس، داهمت الشرطة محلهم، ثم اقتادتهم إلى سجن من السجون، وكنت
معهم، وقد رأيت من الإمام ومن تلاميذه في السجن ما جعلني أقتنع بأن الهمم العالية
لا يؤثر فيها شيء، ولا يحول دون مطالبها حائل.
لقد كان الإمام وتلاميذه يمارسون ما
تتطلبه دعوتهم بتفان لا نظير له، حتى أن السجن أصبح معهدا، والمساجين تحولوا إلى
تلاميذ.
وقد كان الإمام لا يطلق على السجن إلا
اسم (المدرسة اليوسفية)، فسألته عن ذلك، فقال: لقد حولت همة يوسف u المتعلقة بالله السجن الذي وضع فيه
مدرسة يدعو فيها إلى ربه.. لقد ذكر الله بعض ذلك، فقال:﴿ وَدَخَلَ مَعَهُ
السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ
اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 332