responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 216

الأحزاب والمذاهب والأجناس.. ولكن الفرق بينها هو أن هذه الطوائف تنتشر في كل مكان، كانتشار النار في الهشيم.

ومن الطوائف ـ التي ذكرها العلماء[1] ـ طائفة غلبهم الجهل والغفلة فلم تنفتح أعينهم للنظر إلى عاقبة أمورهم، فتصوروا أن المقصود من الدنيا أن نعيش أياماً نجتهد نجتهد فيها على كسب القوت ثم (نأكل حتى نقوى على الكسب، ثم نكسب حتى نأكل، فيأكلون ليكسبوا ثم يكسبون ليأكلوا)

وهذا دين أكثر الخلق ممن ابتلاهم الله بالحاجة للعمل، بل حتى ممن لم يبتلوا من الذي صار العمل عندهم هواية وشغلا للقلب والقالب.

وليس العمل هو المعيب في سلوك هؤلاء، وإنما المعيب هو انشغالهم بالعمل عن الغاية التي وجدوا من أجلها، قال الغزالي: (وهذا مذهب الفلاحين والمحترفين ومن ليس له تنعم في الدنيا ولا قدم في الدين؛ فإنه يتعب نهاراً ليأكل ليلاً ويأكل ليلاً ليتعب نهاراً، وذلك كسير السواني فهو سفر لا ينقطع إلا بالموت)

ومن الطوائف طائفة ترقت عن هؤلاء، فزعمت أنها تفطنت لما لم يتفطن له من قبلها، فقالت: (ليس المقصود أن يشقى الإنسان بالعمل ولا يتنعم في الدنيا؛ بل السعادة في أن يقضي وطره من شهوة الدنيا).. وهؤلاء هم الذين انصرفوا إلى الشهوات، فما جمعوه في النهار بالعناء والجهد يقضون عليه في الليل بالشهوات والملذات.

وهذا الفكر الدنيوي الذي تتبناه هذه الطائفة هو الفكر الذي تغرسه المدنية الغربية باعتباره بديهية البديهيات، فلذلك تستنكر من يذم الدنيا، وكأنها تعتبر نفسها المقصودة بكل ذلك الذم.


[1] إحياء علوم الدين: 3/228، فما بعدها.

اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 216
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست