responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 170

قال: فهذه هي العبودية، وهذا هو سر الخضوع.. فالخضوع لله تحرر ممن سواه من الشهوات والأهواء والشياطين التي تقيد الإنسان بأبشع أنواع القيود.

بينما نحن كذلك إذ قدم ابن له يحمل كتابا، وأخذ يقول، وكأنه يخاطبني: اسمع ما ورد في هذا الكتاب.

قال ذلك، ثم أخذ يقرأ بخشوع لا يقل عن خشوع أبيه: ولقد صدق بعض العارفين لما قال له بعض الأمراء: سلني حاجتك، فقال له العارف: كيف تقول لي هذا، ولي عبدان هما سيداك، فقال: ومن هما؟ قال: الحرص والهوى، فقد غلبتهما وغلباك، وملكتهما وملكاك.. وقال بعضهم لبعض الشيوخ: أوصني، فقال له: كن ملكا في الدنيا تكن ملكا في الآخرة، قال: وكيف أفعل ذلك؟ فقال: ازهد في الدنيا تكن ملكا في الآخرة.. معناه اقطع حاجتك وشهوتك عن الدنيا، فإن الملك في الحرية والاستغناء)[1]

أغلق الكتاب، وراح إلى سبيله، سألت زين العابدين عن ابنه هذا، فقال: هذا ابني الأصغر، وقد سميته على جد من أجدادي كان اسمه الباقر[2]، وهو رجل جمع الله له بين العلم والعبادة، وقد سألت الله أن يكون كجده عالما عابدا.. فلا خير في علم لا يصحبه عبادة، ولا في عبادة لا يصحبها علم.

قلت: لكنه لم يحينا.. أم أنك أهملت تأديبه في هذا؟

قال: لا.. أنا لم أهمل تأديبه.. ولا هو قصر في الأدب.. ولكنه ـ كما تراه ـ مشغول بالعوالم التي توحي له بها الكلمات.. فلذلك انشغل بها عن غيرها، أو غاب بها عن غيرها.. ولو رآك في غير هذه الحال لحياك وتعامل معك بما يقتضيه الأدب من المعاملات.

قلت: لا بأس.. فلنرجع إلى موضوعنا.. لقد عرفت أن الخضوع لا يعني إلا اكتمال


[1] المقصد الأسنى:67.

[2] أشير به إلى الإمام الباقر أحد أئمة أهل البيت الكبار.

اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 170
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست