responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 128

قلت: ولكنك وارث.. والوارث لا يفعل إلا ما فعله مورثه.

قال: والخلوة مما فعلها مورثي.. فهي أحد الوجوه التي ينفذ بها قوله تعالى:﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً﴾ (المزمل:8)، ففي الخلوة تنقطع القلوب إلى الله انقطاعا تاما بصحبة ذكر الله.

قلت: فكيف لم يفعلها محمد إذن؟

قال: ومن ذكر لك أنه لم يفعلها.. لقد كان a يخلو بغار حراء يتعبد الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، حتى جاءه الحق، وهو في غار حراء، ففي الحديث: (أولُ ما بُدِىءَ به رسول الله a من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حُبِّبَ إليه الخلاءُ، وكان يخلو بغار حِراءَ؛ فيتَحَنَّثُ فيه ـ وهو التعبد ـ الليالي ذوات العدد، قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة، ويتزود لمثلها، حتى جاءه الحق، وهو في غار حراء)[1]

دخل علي علينا يحمل كتابا، وهو يقول ـ وكأنه كان يتنصت علينا ـ: لقد قال ابن أبي جمرة في شرحه لهذا الحديث: (في الحديث دليل على أن الخلوة عون للإنسان على تعبده وصلاح دينه، لأن النبي a لما اعتزل عن الناس وخلا بنفسه، أتاه هذا الخير العظيم، وكل أحد امتثل ذلك أتاه الخير بحسب ما قسم له من مقامات الولاية.

وفيه دليل على أن الأوْلى بأهل البداية الخلوة والاعتزال، لأن النبي a كان في أول أمره يخلو بنفسه.

وفيه دليل على أن البداية ليست كالنهاية، لأن النبي a أول ما بُدِىءَ في نبوته بالمرائي، فما زال a يرتقي في الدرجات والفضل، حتى جاءه المَلكُ في اليقظة بالوحي، ثم ما زال


[1] رواه البخاري.

اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 128
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست