اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 69
تحت لوائه.. وبقينا نحن.. نحن الوحيدون.. أهل أوروبا.. الذين لم
يصبنا إكسير الإسلام.. ولكنا مع ذلك من أكثر شعوب العالم تحضرا.
ابتسم، وقال: لولا إكسير الإسلام ما نال قومنا من الحضارة ما
نالوا.. لولا الإسلام لظلت أوروبا في ظلمات القرون الوسطى.. أو لقضى بعضها على
بعض.
قلت: كيف ذلك؟
قال: لقد بحثت في هذا كما بحثت في غيره.. وسأعطيك خلاصة موجزة
لأبحاثي في هذا المجال.
لقد قدم الإسلام لقومي خدمات لا يمكن إحصاؤها، وهي تشمل
الجانبين: الدين والحياة.
الدين:
قلت: الدين!؟.. وما علاقة ديننا بإكسير الإسلام؟
قال: إن له علاقة وطيدة.. ليس بالمسيحية وحدها.. بل باليهودية
أيضا..
وسأبدأ بتأثيره على اليهودية التي هم أم المسيحية الأولى..
لقد كان الإسلام والتعاليم العظيمة التي جاء بها سببا من أهم
أسباب حركات التنوير التي حصلت في اليهودية[1].. فقد انطلق دعاة حركة التنوير
اليهودية من المنطلقات نفسها التي انطلقت منها حركة الاستنارة الغربية بكل محاسنها
ومساوئها وبكل تعميماتها وتناقضاتها.
فقد أنكر دعاة التنوير ما تصوروه طفيلية اليهود وهامشيتهم، وهي
سمات مرتبطة بالوظائف التقليدية لليهود ومسألة التجارة والربا، فطالبوا بضرورة
تغيير ذلك حتى يمكن تحويل اليهود من عناصر هامشية منعزلة إلى عناصر منتجة مندمجة.