اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 44
الأموال، وقد كثرت المظالم والسخرات
والرقيق، وبهذه الأيدي عمر الرومان ما عمروا من المعاهد والمصانع في الشام)[1]
وقد كان ذلك السلوك العنصري المتجبر هو
سبب سقوط الدولة الرومانية، يقول (Robert Briffault) عند ذكره لسبب سقوط الدولة الرومانية: (لم
يكن سبب انقراض الدولة الرومية وسقوطها الأساسي الفساد الزائد (كالرشوة وغيرها) بل
كان الفساد والشر وعدم المطابقة بالواقع مما صحب نشوء هذه الدولة من أول يومها
وتغلغل في أحشائها، إن كل مؤسسة بشرية تقوم على أساس زائف منها ولا تستطيع أن تنقذ
نفسها بذكاء أو نشاط، ولما كان الفساد مما قامت عليه هذه الدولة فكان لا بد أن
تبيد يوماً وتنهار، لقد رأينا أن الدولة الرومية إنما كانت وسيلة لرفاهية طبقة صغيرة
على حساب الجماهير الذين كانت هذه الطبقة تستغلهم وتمتص دمائهم، لقد كانت التجارة
تسير في رومة بأمانة وعدل، وقد كان ذلك مما طبعت عليه هذه الدولة، وقد كانت فائقة
في قوة الحكم والقضاء، وفي الكفاءة، ولكن هذه المحاسن كلها لم تكن لتحفظ الدولة من
عواقب الزيف الأساسي والخطأ)
***
أشار (توماس) إلى بقعة أخرى في خارطة
العالم القديم، وقال: هذه هي الهند.
قلت: إنها معدن الحكمة، وينبوع العدل
والسياسة، وأهل الأحلام الراجحة، والآراء الفاضلة.. هكذا وصفها صاعد الأندلسي في
طبقات الأمم.
قال: ولكنها كانت في العهد الذي جاء فيه
محمد على حافة الهاوية، كانت كتلك الشجرة الذابلة التي رزقها الله إكسير الحياة.