اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 39
محمد، ولولا المياه العذبة التي
جاء بها لماتت البشرية من الظمأ.
قلت: كيف تقول ذلك؟.. لقد كان
محمد في بيئة صحراوية بدوية.. وكان مع ذلك أميا.. كيف كان هو المخلص؟
قال: أحيانا كثيرة يجعل الله
فيما نحتقره من أشياء سر خلاصنا..
هذه الشجرة مثلا.. يئست منها،
وتألمت ليأسي، كنت أراها تذبل أمامي، وأنا لا أطيق معها أي حراك.. ولكن ذلك الرجل
الفاضل، بل العبقري الفذ وصف لي إكسيرها.
في البداية عندما وصفه ضحكت بيني
وبين نفسي.. بل ظننته يسخر مني، وعندما جربته لم أجربه إلا كما يجرب الغريق تعلقه
بقشة لا تغني عنه شيئا.. ولكني بعد أن طبقت ذلك الإكسير العجيب فعل فعله، وأعاد
لهذه الشجرة حياتها.
وبالمناسبة.. فالرجل الذي وصف لي
هذا الإكسير رجل أمي.. هو يشبه تماما محمد الذي كان أميا، ولكنه كان يحمل الإكسير
الذي أعاد به الحياة لشجرة البشرية.
قلت: لقد كانت في عهد محمد
حضارات عريقة وديانات قديمة.. ألم يكن في أحدها سر الخلاص؟
قال: لقد كان من سر الخلاص الذي
جاء به محمد أنه لم يكن في بقعة من بقاع الأرض غير تلك البقعة البسيطة القريبة جدا
من الفطرة.
قلت: لم؟.. هل تعادي الحضارات؟
قال: لا أعاديها، ولكن محمدا لو
ولد في بيئة غير تلك البيئة لتلطخت تعاليمه كما تلخطت تعاليمنا نحن المسيحيين.
لقد ذكر القرآن شيئا قريبا من
هذا عندما قال:﴿ وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى
نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ
رِسَالَتَهُ﴾(الأنعام:124)
لقد طلب هؤلاء القوم أشياء
مماثلة لما جاءت بها الرسالات السابقة، والتي امتلأت
اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 39