اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 343
كنواة لها، كانت في صلبها ديانة كهنوتية من طراز مألوف للناس من
قبل منذ آلاف السنين، وكان المذبح مركز طقوسها المنمقة والعمل الجوهري في العبادة
فيها القربان الذي يقربه قسيس متكرس للقداس، ولها هيئة تتطور بسرعة مكونة من
الشمامسة والقساوسة والأساقفة[1].
التفتت إلي، وقالت: أتدري السر في ظهور هذا الهرم الكنسي الذي
سيطر على بذور البشرية ليحولها عبيدا عند هؤلاء الوسطاء؟
قلت: ما هو؟
قالت: (التوسط بين الله والخلق).. لقد اعتبر رجال الكنيسة
أنفسهم وسائط بين الله والخلق..
قلت: في الإسلام يوجد هذا أيضا.. فلا بد للمؤمن أن يذهب إلى
رجل الدين ليعلمه شعائر الدين.
قالت: لا حرج في هذا النوع من الوساطات.. بل هو موجود في كل
مناحي الحياة، لا في الدين وحده.. ولكن الوساطة التي ادعاها رجال الدين المسيحي
متبعين فيها سنن من قبلهم من الوثنيات هي أن يوسطوا رجل الدين بينهم وبين الله.
لقد ذكر القرآن هذا.. ونبه إلى خطورته، فقال:﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ
أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا
لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا
يُشْرِكُونَ﴾ (التوبة:31)
وقد ورد في الحديث عن عدي بن حاتم: أنه لما بلغته دعوة رسول
الله a فرَّ
إلى الشام، وكان قد تنصر في الجاهلية، فأسرت أخته وجماعة من قومه، ثمَّ منَّ رسول
الله a على
أخته وأعطاها، فرجعت إلى أخيها، ورَغَّبته في الإسلام وفي القدوم على رسول الله a، فقدم عَدِيّ