اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 284
من جهة أخرى ينتظرون في طهارة وتأمل الزوال النهائى للنوع
الإنساني)[1]
قلت: فما موقف الإسلام من هذا؟
قالت: للجسد في الإسلام قيمة لا تقل عن قيمة الروح.. فلذلك يذكر
في القرآن باعتباره من نعم الله على عباده.. ففي القرآن:﴿ قالَ لَهُ صاحِبهُ وَهوَ يُحاورهُ أكفرتَ
بالَّذي خَلَقَكَ مِنْ تُراب ثُمَّ مِنْ نُطفَة ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلاً ﴾ (الكهف: 37).. وفيه:﴿ هُوَ الَّذي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ ذلولاً
فامشُوا فِي مناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيهِ النُّشُورُ ﴾ (الملك: 15)..وفيه:﴿ كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقناكُمْ وَلا
تَطْغَوا فِيهِ فَيُحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ﴾ (طه:81)
فهذه الآيات القرآنية تحمل بين طيّاتها معاني تشريعية كثيرة
تبين قيمة الجسد وأهمية المحافظة عليه [2]..
فهي تبين أن الإنسان بتكوينه الجسماني، وبطبيعته البدنية، جزء
من عالم الطبيعة، وأنّ الأرض هي مصدر نشوئه وتكوينه.. فهو ابن الأرض، ونتاجها الحي
المترقي في تكوينه وأجهزته الجسمية المختلفة:﴿ أكفرتَ بالَّذي خلقكَ مِن تُراب ﴾
وهي تبين أن هذا الجسد الذي نشأ من الأرض لا يستغني بطبيعته عن
إمداد الأرض لوجوده، من الطعام والشراب واللباس والسكن.. ﴿ وَما جَعَلناهُمْ جَسداً لا يأكُلون
الطَّعامَ ﴾ (الأنبياء: 8).
وهي تبين أن التوافق في التكوين الطبيعي بين الإنسان والطبيعة
تام ومتناسق، فكلّ ما يحتاجه الإنسان لاستمرار الحياة متوفر في عالم الطبيعة
ومتنام فيها.. ﴿ وَباركَ فيها وقدّرَ فيها أقواتَها
في أربعةِ أيّام سواءً للسّائلينَ ﴾ (فصّلت:
10).. ﴿ جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ ذَلولاً ﴾ (الملك: 15)