اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 277
قلت: حدثتني عن ضوابط الروحانية الإسلامية من الربانية
والعقلانية.. فحدثيني عن الضابط الثالث.. الإنسانية.
قالت: لقد خلقنا الله بشرا.. وطلب منا أن نعبده، ونحن بشر..
وليس من اللائق، ولا من الأدب، ولا من الحكمة أن نخرج من البشرية عندما نريد أن
نمارس الروحانية..
قلت: لم أفهم هذا.. فمع أننا بشر إلا أن الكمال في أن نرتقي عن
بشريتنا.
قالت: من غير أن نخرج عنها.
قلت: بل لو استطعنا الخروج عنها لفعلنا.. فذلك هو الكمال
الأكبر.
قالت: إن هذا الكلام يحمل احتقارا للبشرية.. لأن من يريد أن
يخرج من شيء، ليدخل في غيره.. لا يريد أن يخرج منه إلا لاحتقاره له، واعتقاده
لنقصه.
وهذه ميزة للإسلام تفصله عن كثير من الديانات والفلسفات التي
تحتقر الإنسان.. فهو يكرم الإنسان، ويضعه في المحل الذي خلقه الله له.
إننا ـ معشر المسيحيين ـ لما احتقرنا الإنسان ربأنا بالمسيح أن
يكون إنسانا.. فلذلك رفعناه إلى مقام الإلهية..
أما قرآن المسلمين فهو يصرح في كل لحظة بأن محمدا وسائر
الأنبياء والأولياء ليسوا إلا بشرا.. يقول القرآن:﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ
يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ
رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾ (الكهف:110).. ويقول:﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ
يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ
وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ﴾ (فصلت:6)