responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 256

المراد منه.

ولكن التأمل العقلي والتحليل المنطقي يدل على أن وحدة الوجود المشار إليها عند الصوفية المسلمين مغايرة تمام المغايرة لقول الفلاسفة ووحدتهم التي لا تفرق بين الخالق والمخلوق والصنعة والصانع.

فليس المراد بوحدة الوجود عند الصوفية وجودين قديمين اتحدا، ولا قديم وحادث اتحدا، لأنهم يعتقدون ـ انطلاقا من المصادر المقدسة ـ أن الله لا يحل في شيء، ولا يمازج شيئاً، ولا شئ في ذاته في خلقه، ولا من خلقه في ذاته، وقربه وبعده ليس كقرب الأجسام وبعدها، ولا هو محصور ولا محدود.. تنزه عن أوصاف خلقه.

لقد قال محي الدين بن عربي وهو من رجالات التصوف الذي أسيء فهم مقاصدهم: (لو صح أن يرقى الإنسان عن إنسانيته، والملك عن ملكيته، ويتحد بخالقه تعالى، لصح انقلاب الحقائق وخرج الإله عن كونه إلهاً، وصار الحق خلقاً، والخلق حقاً، وما وثق أحد بعلم، وصار المحال واجباً، فلا سبيل إلى قلب الحقائق أبداً)

انظر كيف ينفي الاتحاد والحلول بشدة، فما كان في كتبه مما يوهم ذلك فهو إما مدسوس عليه، وإما فهم على غير حقيقته[1].

وبمثل هذا نطق كل العارفين.. فقد قال الشيخ علوان الحموي (ت 936هـ) في تعليقه على كلام محمد بن واسع تلميذ الحسن البصري في فنائه عن الخلق بالحق: (ما رأيت شيئاً إلا رأيت الله فيه) قال معلقاً على هذا: (مذهب أهل الحق أن مولانا عز وجل لا يحل في شيء، ولا يحل فيه شيء، وكلما ورد عليك ما يوهم ظاهره الحلول فأوله)

وقد بين الشيخ الهجويري (ت. 470هـ) في كتابه (كشف المحجوب) تعليقاً على هذه


[1] انظر: اليواقيت والجواهر:1/80 –81 ) وقد قال ابن عربي في الفتوحات (جـ4 ص372-379):( ما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد ومن قال بالحلول فهو معلول لا دواء له )

اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 256
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست