اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 173
فقال: (أي شيء كان فيه؟)، قال: (ألف دينار)، فأدخله داره، ووزن
له ألف دينار، ثم إن الرجل وجد هميانه، فجاء إلى جعفر معتذرا بالمال، فأبى أن
يقبله منه، وقال: (شيء أخرجته من يدي لا أسترده أبدا)، فقال الرجل للناس: (من
هذا؟)، فقالوا: (هذا جعفر بن محمد)[1]
التضحية:
قلت: فحدثني عن السر الرابع من أسرار زهرية
الأزهار.
قال: لن تكون الأزهار أزهارا حتى تمتلئ
بمعاني التضحية والبذل والإيثار.
قلت: لم أفهم علاقة الأزهار بذلك.. قال: ألا
ترى الزهرة تظل تمنحنا أريجها العطر إلى أن تذبل؟
قلت: بلى..
قال: فهي تبذل لنا ـ مع أنفاس عطرها ـ روحها..
هي كالشمعة تحرق لتضيء لنا.
قلت: فأين وجدت مثل هذا النبل؟
قال: لم أجده إلا في الإسلام.. وفي القيم
التي ربى الإسلام عليها المسلمين.. إن التضحية بالنفس والمال والوقت في سبيل الله
من أسمى أخلاق الإسلام، ومن أرفع واجباته.
قلت: في سبيل الله.. لا في سبيل الخلق.
قال: سبيل الله في الإسلام يراد به سبل
الخلق.. وإنما اعتبر سبيلا لله حتى لا يطلب صاحبه عليه أجرا إلا الأجر الذي أعطاه
الله له.
لقد قال القرآن في الأمر بالتضحية في سبيل نصرة المستضعفين:﴿ وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ
الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ
أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ
نَصِيراً﴾ (النساء:75)