اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 153
قمم الحضارة مع أنها في حقيقتها لا تعدو نوعا من التطوير
المخزي لحضارة سدوم وعمورية.
قلت: فماذا وجدت؟
قال: لقد أدت الثورة على الكنيسة التي لم تعرف كيف تمثل الدين
تمثيلا صحيحا إلى ظهور فلسفات كثيرة لا هم لها إلا خلع اللباس الإنساني عن
الإنسان، وإلباسه لباس البهيمية الغارقة في مستنقعات الشهوات.
لن أطيل الحديث عليك.. ولكني سأذكر لك ثلاثة من أعمدة الرذيلة
التي قامت عليها مواخير الفساد التي تعج بها مجتمعاتنا: ماركس.. فرويد.. ودركايم[1].. فهؤلاء الثلاثة وغيرهم كثير هم
الذين تأسست عليهم الحضارة الغربية والقيم الغربية والانحرافات الغربية.
أما ماركس ـ صاحب التفسير المادى للتاريخ ـ فيبرز موقفه من
العفاف في قوله: (إن (العفة) من فضائل المجتمع
الإقطاعى البائد كقيمة موقوتة لابد أن توجد فى هذا الطور الاقتصادى.. لا كقيمة
ذاتية ينبغى أن تتبع بصرف النظر عن الظروف الاقتصادية، لأنها مرتبطة بكيان
(الإنسان) ذاته المتميز عن الحيوان)
أما فرويد، فقد عرفنا موقفه من قبل.. إنه لا يكتفى بتصوير
الإنسان حيواناً، وإنما يصوره حيواناً ممسوخاً مشوهاً، ينبع كله من طاقة واحدة من
طاقاته.. هى الطاقة الجنسية.
أما دوركايم، فيقول: (إن الأخلاقيين يتخذون واجبات المرء نحو
نفسه أساساً للأخلاق، وكذا الأمر فما يتعلق بالدين، فإن الناس يرون أنه وليد
الخواطر التى تثيرها القوى الطبيعية الكبرى أو بعض الشخصيات الفذة لدى الإنسان
(يقصد الرسل والأنبياء والقديسين)، ولكن ليس من الممكن تطبيق هذه الطريقة على
الظواهر الاجتماعية اللهم إلا إذا أردنا تشويه طبيعتها)[2]
[1] انظر فصل (اليهود
الثلاثة) في كتاب (التطور والثبات فى حياة البشر) لمحمد قطب.