اسم الکتاب : رحمة للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 392
دار ملك ليخرج من الجانب الآخر فمد بصره إلى وجه مليح يعلم أنه يستغرق
ذلك قلبه ثم يضطر لا محالة إلى مفارقته أهو معدود من العقلاء أم من الحمقى؟
أما تعلمين أن الدنيا دار لملك الملوك ومالك فيها إلا مجاز وكل ما فيها
لا يصحب المجتازين بها بعد الموت.
^^^
هزني هذا الكلام هزا، فالتفت إلى الفضيل الذي كانت عيناه تغرورقان
بالدموع، وقلت: من هذا؟.. وماذا يفعل؟
قال: هذا رجل من أهل الله.. كان مسرفا على نفسه.. وكانت له أم صالحة..
وكانت لا تكف عن وعظه، تقول له: يا بني اذكر مصارع الغافلين قبلك، وعواقب البطالين
قبلك، اذكر نزول الموت.. فلم يزل كذلك حتى قدم رجل من أهل الله يقال له (أبو عامر
البناني)، وكان واعظ أهل الحجاز، ووافق قدومه رمضان، فسأله إخوانه أن يجلس لهم في
مسجد رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم فأجابهم، وجلس ليلة الجمعة بعد انقضاء
التراويح، واجتمع الناس، وجاء الفتى فجلس مع القوم، فلم يزل أبو عامر يعظ وينذر
ويبشر إلى أن ماتت القلوب فرقا واشتاقت النفوس إلى ربها وإلى فضل ربها.. فوقعت
الموعظة في قلبه.. فتغير لونه، ثم نهض إلى أمه فبكى عندها طويلا، ثم قال:
زممت للتوبة أجمالي = ورحت قد طاوعت عذالي
وأبت والتوبة قد فتحت = من كل عضو لي أقفالي
لما حدا الحادي بقلبي إلى = طاعة ربي فك
أغلالي
أجبته لبيك من موقظ = نبه بالتذكار سعيد
أغفالي
كر يا أم هل يقبلني سيدي = على الذي قد كان
من حالي
واسوءتا قد إن ردني خائبا = ربي ولم يرض
بإقبالي
اسم الکتاب : رحمة للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 392