responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحمة للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 23

إلينا بعدها حبرا صالحا يمكنه أن يصير في يوم من الأيام خليفة من خلفاء بطرس وأولئك القديسين الكثيرين الذين جلسوا مجلسه.

^^^

في ذلك المساء امتلأت هما وغما لما ذكره لي أخي من مظاهر القسوة في الإسلام، فلذلك ذهبت ـ كعادتي في مثل هذه الأحوال ـ إلى الغابة التي تعودت أن ألتقي فيها بمعلم السلام.

لم أسر في الغابة إلا قليلا حتى رأيته، وهو يحمل حجارة يرمي بها حيوانا لم أتبينه، فأسرعت إليه، وقلت: ماذا تفعل؟.. لم أكن أتصور أن رجلا في مثل حكمتك يحمل الحجارة.

قال: لقد دفعتني الرحمة إلى حمل هذه الحجارة.

قلت: الرحمة لا تدفعك لحمل الحجارة.. لا يرمي بالحجارة إلا من قلوبهم مثل الحجارة.

قال: لقد رأيت حيوانا عاديا يهم بحيوان قاصر ضعيف.. وقد خيرت بين أن أترك الضعيف للقوي.. أو أصد القوي عن الضعيف.. وقد دلتني الرحمة أن أنتصر للضعيف من القوي.

قلت: نعم ما اخترت.. ولكن ألم تجد إلا الحجارة؟

قال: لم يكن لي خيار إلا الحجارة.. فالرحمة أحيانا قد تتطلب بعض القسوة.

قلت: لقد قال الشاعر العربي يعبر عن ذلك:

وقسا ليزدجروا ومن يك راحما

فليقس أحيانا على من يرحم

قال: صدق الشاعر.. فقد نظر إلى الحقيقة من بابها الصحيح..

قلت: ألا ترى أن هذا قد يصبح حجة للظلمة والمستكبرين والطغاة، فيفعلون ما تطلبه نفوسهم من القسوة، ثم يلبسون على الناس وعلى أنفسهم، فيزعمون أنهم لا ينطلقون إلا من

اسم الکتاب : رحمة للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 23
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست