اسم الکتاب : رحمة للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 225
دفعت الضريبة فيكفوا عنها.. ولكن ذلك لم يفدها بشىء.. فبينما هى فى
منزلها آمنة مطمئنة، فاجأها جماعة من العسكر ومعهم ترجمان، فقالوا لها: لقد بلغنا
أن عندك أسلحة، ونريد البحث عنها.. فأخبرتهم أنه ليس عندها سلاح.. فقالوا: لابد من
التفتيش.. ففتشوا، ووجدوا ملابس ثمينة جدا لزوجها وأمتعة غالية.. قال الجبرتى: (ثم
نزلوا إلى تحت السلالم، وحفروا الأرض، وأخرجوا منها دراهم كثيرة، وحجاب ذهب فى
داخله دنانير).. وكان هذا كله هو المطلوب، فأخذه لصوص الاحتلال وأخذوا معهم السيدة
المسكينة وانصرفوا، وهم يسخرون بورقة الأمان التى علقتها على باب بيتها.. ومكثت
عندهم فى الاعتقال هى وجواريها ثلاثة أيام، ولم تعد إلا بعد أن اشترت لنفسها منهم
أمانا جديدا بالمال.
وذكر الجبرتى أيضا أن (الست نفيسة) زوجة مراد بك، ظهرت وصدقتهم، وصالحت
على نفسها وأتباعها بمبلغ قدره عشرون ومائة ألف ريال فرنسى، ومضت إلى بيتها مطمئنة
إلى الأمان الذى أمضاه لها نابليون قائد القوات الفاتحة.. وما لها لا تطمئن وهى
زوجة الفارس القائد الذى كان يقود جيوش مصر فى وجه نابليون.. الفارس القائد الذى
عرفت عنه أن من تقاليد الفروسية احترام النساء.. نعم ذهبت مطمئنة، وهى تعلم أن
تقاليد الفروسية تأبى على أربابها الأمان للنساء بالمال... وأن ذلك القائد الفرنسى
النذل إذا رضى لنفسه أن يبيع الأمان للنساء فقد يكون له بقية من شرف الجندية تأبى
عليه أن يعود فيه مرة أخرى.
ذهبت إلى بيتها وهى مطمئنة على نفسها من أجل هذه المعانى كلها، ولكن هل
كان هؤلاء الأنذال عند ظن النساء بهم؟ لقد أرسلوا إليها يطلبون منها إحضار زوجة
عثمان بك الطنبرجى.. ويتهمونها أنها تخفيها فى منزلها، أو فى مكان ما.. وهكذا
انقلبت مهمة جنود الجمهورية الفرنسية لا إلى البحث عن جنود المقاومة السرية، أو
البحث عن القواد المختفين، بل إلى البحث عن النساء، لكى يرغموهن على شراء الأمان
لأنفسهن بالمال.. فهل وجد إنسان أحط من هذه المروءة؟! وذعرت السيدة
اسم الکتاب : رحمة للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 225