ظهر
الأسف على المستمعين، فقال: أعتذر إليكم.. لم يكن قصدي أن أسيء إليكم.. ولكني أريد
أن أقول لكم بأن التطور والحضارة والتقدم لا تعني القيم..
قد تكون
متطورا غاية التطور.. ولكنك فقير غاية الفقر من كل القيم الرفيعة التي تكون جبلية
في الشعوب التي تحتقرها، وتسمها بالبدائية..
قلنا:
فكيف وقفت الشريعة الإسلامية من مثل هذا؟
قال: لقد
ذكرت لكم أن الشريعة الإسلامية عدل كلها ورحمة كلها.. ولذلك نظرت إلى الحيوان
باعتباره حيوانا[2].. وهو من جهة أخرى سخر للإنسان كما
سخر له سائر الأشياء.. فلذلك لم تجز قتله إلا للضرر المتوقع منه.. والضرر هنا ليس
ضررا تكليفيا.. والقتل هنا ليس عقوبة..
لقد
تعاملت الشريعة معه في هذه الأحوال كما تتعامل مع السم.. فلا يمكن لعاقل أن يحاكم
السم.. فالسم سم.. هذه طبيعته.. ولا يمكن لأحد أن يحاكم أحدا على ما تقتضيه
طبيعته.
قال رجل
منا: لقد ضربت لنا النماذج عن مدى واقعية الشرائع المختلفة.. ولكنك لم تحدثنا عن
مدى واقعية الشريعة التي تريد أن تقدم روحك ضحية لنصرتها.
قال
خبيب: بما أن هذه الشريعة شريعة ربانية.. والله أعلم بعباده.. أعلم بثوابتهم وأعلم
بمتغيراتهم.. فقد راعت الشريعة الثوابت، فحافظت عليها، وأكدتها.. وتركت في نفس
الوقت فرصة لتحرك المتغيرات حتى لا تضيق حياة أحد بالتضييق فيها.
قال
الرجل: ما أسهل أن يقال هذا في أي شريعة من الشرائع!؟
[1] نقلا عن مقال بعنوان (حقوق
الحيوان فى الحضارة الإسلامية)
[2] انظر التفاصيل المرتبطة
بهذا في رسالة (رحمة للعالمين) من هذه السلسلة.
اسم الکتاب : عدالة للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 80