اسم الکتاب : عدالة للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 78
وتولد
من تلك الثورة جاهلية جديدة فصلت العلم عن المبادئ والمثل[1].
التفت إلى الجمع، وقال: إن الجنوح عن الواقع لم يكن مختصا
بالكنيسة.. لقد رأيت في كثير من قوانين العالم ما يملؤك بالغثاء..
سأضرب لكم مثالا على ذلك.. إنه عن معاقبة الحيوان إذا ارتكب
جريمة..
ضحكنا جميعا، فقال: لم تضحكون؟
قال رجل منا: لأن الجريمة مختصة بالعقلاء المكلفين.. أما
الحيوان المسكين.. فليس له عقل.. وليس أي قوانين من القوانين التي تحكمنا.
قال خبيب: ومع ذلك.. فقد بحثت في هذا في شرائع الأمم وقوانينها
عندما كنت أبحث عن واقعية الشرائع.. وقد رأيت من العجائب أن أكثر الشرائع كانت
تعتبر الحيوانات جناة، وكانت تقيم عليهم لذلك ما تراه لها أهواؤها من العقوبات:
فشرائع
اليهود ـ مثلا ـ تقرر وجوب رجم الثور إذا نطح رجلاً فقتله.. لقد نص سفر الخروج على
أنه: (إذا نطح ثور رجلا أو امرأة، وأفضى ذلك إلى موت النطيح، وجب رجم الثور، وحرم
أكل لحمه) (الخروج :21).. إن هذا النص صريح في اعتبار
الثور أهلاً لاحتمال المسئولية الجنائية، وفي اعتبار رجمه جزاءً بالمعنى القانوني
الدقيق لكلمة الجزاء، وقد تولدت مسئوليته تلك من جرم أحدثه ووقعت نتائجه عليه وحده.
وعند
اليونان وجدت محاكمات خاصة للحيوانات في شرائع اليونان القديمة، ذكر فيها أفلاطون
في (القوانين) أنه إذا قتل حيوان إنسانًا كان لأسرة القتيل الحق في إقامة دعوى على
الحيوان أمام القضاء، وفي حالة ثبوت الجريمة على الحيوان، يجب قتله قصاصًا.
وفي
القرون الوسطى كانت فرنسا أول أمة أوروبية أخذت في القرن الثالث عشر بمبدأ
[1] انظر التفاصيل الكثيرة
المرتبطة بهذا في رسالة ( ثمار من شجرة النبوة) من هذه السلسلة.. وانظر هناك
المراجع التي اعتمدنا عليها في هذه المعلومات.
اسم الکتاب : عدالة للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 78