اسم الکتاب : عدالة للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 75
قال خبيب: ففي حياة الإنسان إذن دائرتان: دائرة التطور..
ودائرة الثبات[1]؟
قال الرجل: يمكنك أن تقول ذلك..
قال خبيب: ولكل دائرة نوع الخطاب المرتبط بها؟
قال الرجل: ذلك صحيح..
قال خبيب: إن هذا هو سر خلود الشريعة الإسلامية.. وهو نفسه
سر واقعيتها..
قال الرجل: كيف ذلك؟
قال خبيب: قبل أن أذكر لك كيف ميز الإسلام بين الثوابت
والمتطورات أحب أن أذكر لك بأني بحثت في تعامل الأديان والفلسفات مع هذا.. فوجدت
العجب العجاب..
التفت إلي، وقال: لقد رأيت الكنيسة ـ في عصر من عصورها ـ
تأثرت بالفكر الإغريقي في ميادين العلم والفلسفة، لا سيما آراء أرسطو وبطليموس..
ورأيتها قد بذلت كامل جهدها في التوفيق بين معتقداتها الدينية وآرائها الفلسفية..
ونشأ عن ذلك فلسفة مركبة تسمى (الفلسفة المسيحية)، وهي خليط من نظريات الإغريق
وظواهر التوراة والأناجيل وأقوال القديسين القدامى، ولما كان العلم والفلسفة في
ذلك العصر شيئاً واحداً، فقد أدمج الفلاسفة المسيحيون في صرح فلسفتهم كل ما وصل
إليه العلم البشري في عصرهم من النظريات الكونية والجغرافية والتاريخية، ورأت
الكنيسة في هذه الفلسفة التوفيقية خير معين على الدفاع عن تعليمها ضد المارقين
والناقدين، فتبنتها رسمياً وأقرتها مجامعها المقدسة حتى أضحت جزءاً من العقيدة
المسيحية ذاتها وامتدت يد التحريف فأدخلت بعض هذه المعلومات في صلب الكتب الدينية
المقدسة[2].
لقد تبنت
الكنيسة آراء أرسطو في الفلسفة والطب ونظرية العناصر الأربعة ونظرية
[1] انظر التفاصيل الكثيرة
المرتبطة بهذا في رسالة (أسرار الحياة) من هذه السلسلة.
[2] انظر استمداد المسيحية من
الفلسفة من كتاب المشكلة الأخلاقية والفلاسفة ص101 فما بعد.
اسم الکتاب : عدالة للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 75