اسم الکتاب : عدالة للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 73
أمان
روحى وسلام فائق)
قال: أنا
أوافقك في كل ذلك.. لقد كان هذا.. ولكن هل هذا التشريع واقعي؟.. تصور لو أن كل
البشر فعلوا ما طلبه المسيح.. هل ستبقى الحياة على الأرض؟
سكتُّ،
فقال: قارن هذا بما ورد في نصوص المسلمين المقدسة.. لقد أمر بغض البصر.. ولكن لم
يؤمر بقلع البصر.. لقد قال الله تعالى يدعو إلى هذا :﴿ قُلْ
لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ
أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)﴾ (النور)
وفي حال الوقوع
في الخطيئة شرعت الشريعة التوبة.. لا قلع البصر..
فشريعة الله لم تفترض في المؤمنين المتقين أن يكونوا ملائكة
لا تسول لهم أنفسهم سوءا.. كلا إن الإنسان جمع بين الطين نفخة الروح، فليس بمستنكر
أن يذنب، ثم يتوب.. إنما المنكر أن يتمادى في الذنوب ويستمرئ الرذيلة.. لقد أذنب
آدم ـ أبو البشر ـ وتاب فتاب الله عليه، فلا غرابة أن يكون بنوه مثله، لهذا جعل
القرآن من أصناف المتقين :﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ
ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ
يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ
يَعْلَمُونَ ﴾ (آل عمران:135)
كما فرق القرآن بين كبائر الإثم وفواحشه، وبين صغائر السيئات
ولمم الذنوب التي قلما يسلم منها أحد، فهي في دائرة المسامحة والغفران ما اجتنبت
الموبقات.. قال تعالى :﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ
عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً
﴾ (النساء:31)
قال رجل من الجمع: وعينا كل هذا.. ولكن الذي يحيرنا هو: كيف
تستطيع شريعة جاءت قبل أكثر من أربعة عشر قرنا أن تحكم البشر بعد كل هذه المدة..
إن هناك قضايا كثيرة مستجدة جعلت من إنسان هذا العصر إنسانا
مختلفا عن سائر العصور.. فكيف استطاعت شريعة الإسلام أن تحتفظ بواقعيتها مع كل هذه
التطوات؟
ابتسم خبيب، ثم قال: أرأيت لو أن هناك موعظة وردتك من آلاف
السنين.. وكان فيها مثل
اسم الکتاب : عدالة للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 73